Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 1-4)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { الۤمۤ أحَسِبَ النَّاسُ أنْ يُتْرَكوا } في سبب نزولها ثلاثة أقوال . أحدها : أنَّه لمَّا أُمر بالهجرة ، كتب المسلمون إِلى إِخوانهم بمكة أنَّه لا يُقْبَل منكم إِسلامكم حتى تُهاجِروا ، فخرجوا نحو المدينة فأدركهم المشركون فردُّوهم ، فأنزل الله عز وجل من أول هذه السورة عشر آيات ، فكتبوا إِليهم يخبرونهم بما نزل فيهم ، فقالوا : نَخْرُج ، فان اتَّبَعَنَا أحدٌ قاتلناه ، فخرجوا فاتَّبعهم المشركون فقاتلوهم ، فمنهم مَنْ قُتل ، ومنهم مَنْ نجا ، فأنزل الله عز وجل فيهم { ثُمَّ إِنَّ ربِّكَ للذين هاجروا مِنْ بَعْد ما فُتِنوا } [ النحل : 110 ] ، هذا قول الحسن ، والشعبي . والثاني : أنَّها نزلت في عمَّار بن ياسر إِذ كان يعذَّب في الله عز وجل ، قاله عبد الله بن عُبيد بن عُمير . والثالث : أنَّها نزلت في مِهْجَع مولى عمر بن الخطاب حين قُتل ببدر ، فجزع عليه أبواه وامرأته ، فأنزل الله تعالى في أبويه وامرأته هذه الآية . قوله تعالى : { أحَسِبَ النَّاسُ } قال ابن عباس : يريد بالناس : الذين آمنوا بمكة ، كعيَّاش بن أبي ربيعة ، وعمَّار بن ياسر ، وسَلَمة بن هشام ، وغيرهم . قال الزجاج : لفظ الآية استخبار ، ومعناه معنى التقرير والتوبيخ ؛ والمعنى : أحَسِب النَّاس أن يُتْرَكوا بأن يقولوا : آمَنَّا ، ولأَن يقولوا : آمَنَّا ، أي : أَحَسِبوا أن يُقْنَع منهم بأن يقولوا : إِنَّا مؤمنون ، فقط ، ولا يُمتَحنون بما يبيِّن حقيقة إِيمانهم ، { وهم لا يُفْتَنون } أي لا يُختَبرون بما يُعْلَم به صِدق إِيمانهم من كذبه . وللمفسرين فيه قولان . أحدهما : لا يُفْتَنون في أنفسهم بالقتل والتعذيب ، قاله مجاهد . والثاني : لا يُبْتَلَوْن بالأوامر والنواهي . قوله تعالى : { ولقد فَتَنَّا الذِين مِنْ قَبْلِهم } أي : ابتليناهم واختبرناهم ، { فَلَيَعْلَمَنَّ اللّهُ } فيه ثلاثة أقوال . أحدهما : فلَيُرِيَنَّ اللّهُ الذين صَدَقوا في إِيمانهم عند البلاء إِذا صبروا لقضائه ، ولَيُرِيَنَّ الكاذبين في إِيمانهم إِذا شكُّوا عند البلاء ، قاله مقاتل . والثاني : فلَيُمَيِّزَنَّ ، لأنَّه [ قد ] عَلِم ذلك مِنْ قَبْل ، قاله أبو عبيدة . والثالث : فلَيُظْهِرَنَّ ذلك حتى يوجد معلوماً ، حكاه الثعلبي . وقرأ عليّ بن أبي طالب ، وجعفر بن محمد : { فلَيُعْلِمَنَّ اللّهُ } { ولَيُعْلِمَنَّ الكاذبين } { ولَيُعْلِمَنَّ اللّهُ الذين آمنوا ولَيُعْلِمَنَّ المنافقين } [ العنكبوت : 11 ] بضم الياء وكسر اللام . قوله تعالى : { أَمْ حَسِبَ } أي : أَيَحْسَب { الذين يَعْمَلون السَّيِّئات } يعني الشِّرك { أن يَسْبِقونا } أي : يفُوتونا ويُعْجِزونا { ساء ما يحكُمون } أي : بئس ما حكموا لأنفسهم حين ظنُّوا ذلك . قال ابن عباس : عنى بهم الوليد بن المغيرة ، وأبا جهل ، والعاص بن هشام ، وغيرهم .