Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 159-159)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فبما رحمة من الله لنت لهم } قال الفراء وابن قتيبة ، والزجاج « ما » هاهنا صلة ، ومثله : { فبما نقضهم ميثاقهم } قال ابن الأنباري : دخول « ما » هاهنا يحدث توكيداً . قال النابغة : @ المرءُ يهوى أن يعيـ شَ وطولُ عيش ما يضرُّه @@ فأكد بذكر « ما » وفيمن تتعلق به هذه الرحمة قولان . أحدهما : أنها تتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم . والثاني : بالمؤمنين . قال قتادة : ومعنى { لنت لهم } لان جانبك ، وحَسُن خُلُقُك ، وكثر احتمالك . قال الزجاج : والفظ : الغليظ الجانب ، السيء الخلق ، يقال : فظظت تفظ فظاظة وفظظاً ، والفظ : ماء الكرش والفرث ، وإنما سمي فظاً لغلظ مشربه . فأما الغليظ القلب ، فقيل : هو القاسي القلب ، فيكون ذكر الفظاظة والغلظ وإن كانا بمعنى واحد توكيداً . وقال ابن عباس : الفظ : في القول ، والغليظ القلب : في الفعل . قوله تعالى : { لانفضوا } أي : تفرقوا . وتقول : فضضت عن الكتاب ختمه : إذا فرقته عنه . { فاعفُ عنهم } أي : تجاوز عن هفواتهم ، وسل الله المغفرة لذنوبهم { وشاورهم في الأمر } معناه : استخرج آراءهم ، واعلم ما عندهم . ويقال : إنه من : شرت العسل . وأنشدوا : @ وقاسمها بالله حقاً لأنتم ألذُّ من السَّلوى إذا ما نشورُها @@ قال الزجاج : يقال : شاورت الرجل مشاورة وشوراً ، وما يكون عن ذلك اسمه المشورة . وبعضهم يقول : المشوْرَة . ويقال : فلان حسن الصورة والشورة ، أي : حسن الهيئة واللباس . ومعنى قولهم : شاورت فلاناً ، أظهرت ما عنده وما عندي . وشرت الدابة : إذا امتحنتها ، فعرفت هيئتها في سيرها . وشرت العسل : إذا أخذته من مواضع النحل . وعسل مشار . قال الأعشى : @ كأنّ القرنفل والزنجبيـ ـل باتا بفيها وأرياً مشاراً @@ والأري : العسل . واختلف العلماء لأي معنى أمر الله نبيه بمشاورة أصحابه مع كونه كامل الرأي ، تام التدبير ، على ثلاثة أقوال . أحدها : ليستن به من بعده ، وهذا قول الحسن ، وسفيان بن عيينة . والثاني : لتطيب قلوبهم ، وهو قول قتادة ، والربيع ، وابن إسحاق . ومقاتل . قال الشافعي رضي الله عنه : نظير هذا قوله صلى الله عليه وسلم " البكر تُستأمر في نفسها " إنما أراد استطابة نفسها ، فإنها لو كرهت ، كان للأب أن يزوجها ، وكذلك مشاورة إبراهيم عليه السلام لابنه حين أُمر بذبحه . والثالث : للإعلام ببركة المشاورة ، وهو قول الضحاك . ومن فوائد المشاورة أن المشاور إذا لم ينجح أمره . علم أن امتناع النجاح محض قدر ، فلم يلم نفسه ، ومنها أنه قد يعزم على أمر ، فيبين له الصواب في قول غيره ، فيعلم عجز نفسه عن الإحاطة بفنون المصالح . قال علي رضي الله عنه : الاستشارة عين الهداية ، وقد خاطر من استغنى برأيه ، والتدبير قبل العمل يؤمنك من الندم . وقال بعض الحكماء : ما استُنْبِطَ الصواب بمثل المشاورة ، ولا حُصِّنتِ النعم بمثل المواساة ، ولا اكتسبت البغضاء بمثل الكبر . واعلم أنه إنما أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه فيما لم يأته فيه وحي ، وعمهم بالذكر ، والمقصود أرباب الفضل والتجارِب منهم . وفي الذي أُمر بمشاورتهم فيه قولان : حكاهما القاضي أبو يعلى . أحدهما : أنه أمر الدنيا خاصة . والثاني : أمر الدين والدنيا ، وهو أصح . وقد قرأ ابن مسعود ، و ابن عباس « وشاورهم في بعض الأمر » . قوله تعالى : { فإذا عزمت } قال ابن فارس : العزم : عقد القلب على الشيء ويريد أن يفعله . وقد قرأ أبو رزين ، وأبو مجلز ، وأبو العالية ، وعكرمة ، والجحدري : { فإذا عزمتُ } بضم التاء . فأما التوكل ، فقد سبق شرحه . ومعنى الكلام : فإذا عزمت على فعل شيء ، فتوكل على الله ، لا على المشاورة .