Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 48-57)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يُرْسِلُ الرِّياح } وقرأ ابن مسعود ، وأبو رجاء ، والنخعي ، وطلحة بن مصرِّف ، والأعمش : { يُرْسِلُ الرِّيح } بغير ألف . قوله تعالى : { فتُثير سحاباً } أي : تُزعجه { فيَبْسُطُهُ } الله { في السماء كيف يشاء } إِن شاء بسطه مسيرة يوم أو يومين أو أقل أو أكثر { ويجعلُه كِسَفاً } أي : قِطعاً متفرِّقة . والأكثرون فتحوا سين { كِسَفاً } ؛ وقرأ أبو رزين ، وقتادة ، وابن عامر ، وأبو جعفر ، وابن أبي عبلة : بتسكينها ؛ قال أبو علي : يمكن أن يكون مثل سِدْرَة وسِدَر ، فيكون معنى القراءتين واحداً { فتَرى الوَدْق يخرُج مِن خِلاَله } وقرأ ابن مسعود ، وابن عباس ، ومجاهد ، وأبو العالية : { مِن خَلَلِه } ؛ وقد شرحناه في [ النور43 ] { فاذا أَصاب به } أي : بالوَدْق ؛ ومعنى { يَستبشِرون } يفرحون بالمطر ، { وإِن كانوا مِنْ قَبْلِ أن يُنَزَّل عليهم } المطر { مِنْ قَبْله } وفي هذا التكرير ثلاثة أقوال . أحدها : أنه للتأكيد كقوله : { فسجد الملائكة كلُّهم أجمعون } [ الحجر : 30 ] ، قاله الأخفش في آخرين . والثاني : أن « قَبْل » الأولى للتنزيل ، والثانية للمطر ، قاله قطرب . قال ابن الأنباري : والمعنى : مِنْ قَبْل نزول المطر ، مِنْ قَبْل المطر ، وهذا مثلما يقول القائل : آتيك من قبل أن تتكلم ، من قبل ان تطمئن في مجلسك ، فلا تُنكَر الإِعادة ، لاختلاف الشيئين . والثالث : أن الهاء في قوله : { مِنْ قبْله } ترجع إِلى الهُدى وإِن لم يتقدَّم له ذِكْر ، فيكون المعنى : كانوا يقنَطنون من قبل نزول المطر ، من قبل الهُدى ، فلمَّا جاء الهُّدى والإِسلام زال القُنوط ، ذكره ابن الأنباري عن أبي عُمر الدُّوري وأبي جعفر بن قادم . والمبلسون : الآيسون وقد سبق الكلام في هذا [ الأنعام : 44 ] . { فانظُر إِلى آثار رحمة الله } قرأ أبن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وأبو بكر عن عاصم : { إِلى أَثَر } . وقرأ ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، وحفص عن عاصم : { إِلى آثار } على الجمع ، والمراد بالرحمة هاهنا المطر ، وأثرها : النبت ؛ والمعنى : انظر إِلى حسن تأثيره في الأرض { كيف يُحيي الارض } أي : كيف يجعلها تُنبت بعد أن لم يكن فيها نبت . وقرأ عثمان بن عفان ، وأبو رجاء ، وأبو عمران الجوني ، وسليمان التيمي . { كيف تُحْيِي } بتاء مرفوعة مكسورة الياء { الأرضَ } بفتح الضاد . قوله تعالى : { ولَئن أَرسلْنا ريحاً } [ أي : ريحاً ] باردة مُضِرَّة ، والريح إِذا أتت على لفظ الواحد أُريدَ بها العذاب ، ولهذا " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند هبوب الريح : « اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً » " { فرأوه مُصْفَرّاً } يعني النبت ، والهاء عائدة إِلى الأثر . قال الزجاج : المعنى : فرأَوُا النبت قد اصفرّ وجفَّ { لظلُّوا مِنْ بَعده يكفُرونَ } ومعناه : لَيَظَلُّنّ ، لأن معنى الكلام الشرط والجزاء ، فهم يستبشرون بالغيث ، ويكفرون إِذا انقطع عنهم الغيث وجفَّ النبت . وقال غيره : المراد برحمة الله : المطر . و { ظلُّوا } بمعنى صاروا { من بعده } أي : من بعد اصفرار النبت يجحدون ما سلف من النِّعمة . وما بعد هذا مفسَّر في سورة [ النمل : 80 ، 81 ] إِلى قوله : { اللّهُ الذي خلقكم من ضَعْف } وقد ذكرنا الكلام فيه في [ الأنفال : 66 ] ، قال المفسرون : المعنى : خلقكم من ماءٍ ذي ضَعف ، وهو المنيّ { ثُمَّ جَعل مِنْ بَعْد ضَعْف } يعني ضعف الطفولة قوَّة الشباب ، ثُمَّ جَعل مِن بَعْد قوَّة الشباب ضعف الكِبَر ، وشيبةً ، { يخلُق ما يشاء } أي : من ضعف وقوَّة وشباب وشَيبة { وهو العليم } بتدبير خلقه { القدير } على ما يشاء . { ويوم تقوم الساعة } قال الزجاج : الساعة في القرآن على معنى الساعة التي تقوم فيها القيامة ، فلذلك لم تُعرف أيّ ساعة هي . قوله تعالى : { يُقسِم المجرِمون } أي : يَحْلِف المشركون { ما لَبِثوا } في القبور { غيرَ ساعةٍ كذلك كانوا يؤفَكون } قال ابن قتيبة : يقال : أُفِكَ الرجلُ : إِذا عُدِل به عن الصِّدق ، فالمعنى أنهم قد كذَّبوا في هذا الوقتِ كما كَذَّبوا في الدنيا . وقال غيره : أراد الله تعالى أن يفضحهم يوم القيامة بين المؤمنين ، فحلفوا على شيء يبَين للمؤمنين كذبُهم فيه ، ويستدلُّون على كذبهم في الدنيا . ثم ذكر إِنكار المؤمنين عليهم بقوله : { وقال الذين أُوتوا العِلْم والإِيمانَ } وفيهم قولان . أحدهما : أنهم الملائكة . والثاني : المؤمنون . قوله تعالى : { لقد لَبِثتم في كتاب الله إِلى يوم البعث } فيه قولان . أحدهما : أن فيه تقديماً وتأخيراً ، تقديره : وقال الذين أوتوا العلم بكتاب الله والإِيمان بالله ، قاله ابن جريج في جماعة من المفسرين . والثاني : أنه على نظمه . ثم في معناه قولان . أحدهما : لقد لَبِثتم في عِلْم الله ، قاله الفراء . والثاني : لقد لَبِثتم في خَبَر الكتاب ، قاله ابن قتيبة . قوله تعالى : { فهذا يومُ البعث } أي : اليوم الذي كنتم تُنْكِرونه { ولكنَّكم كنتم لا تَعْلَمون } في الدنيا أنه يكون . { فيومَئذ لا يَنْفَعُ الذين ظَلَموا معذرتُهم } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر : { لا تَنْفَعُ } بالتاء . وقرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائي : بالياء ، لأن التأنيث غير حقيقي . قال ابن عباس : لا يُقْبَلُ من الذين أشركوا عُذر ولا توبة . قوله تعالى : { ولا هُمْ يُسْتَعْتَبون } أي : لا يُطلب منهم العتبى والرجوعُ في الآخرة .