Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 105-105)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنا أنزلنا إِليك الكتاب بالحق } في سبب نزولها ثلاثة أقوال . أحدها : أن طُعمة بن أبيرق سرق درعاً لقتادة بن النعمان ، وكان الدرع في جراب فيه دقيق ، فجعل الدقيق يَنْتَشِرُ من خرق الجراب ، حتى انتهى إِلى الدار ، ثم خبأها عند رجل من اليهود ، فالتمست الدرعَ عند طُعمة ، فلم توجد عنده ، وحلف : مالي بها علم ، فقال أصحابها : بلى والله ، لقد دخل علينا فأخذها ، وطلبنا أثره حتى دخل داره ، فرأينا أثر الدقيق ، فلما حلف تركوه ، واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي فأخذوه ، فقال : دفعَها إِليَّ طعمة ، فقال قومُ طعمة : إِنطلقوا إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليجادل عن صاحبنا فإنه بريء ، فأتوه فكلموه في ذلك ، فهم أن يفعل ، وأن يعاقب اليهودي ، فنزلت هذه الآيات كلها . رواه أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : أن رجلاً من اليهود استودع طُعمة بن أبيرق درعاً ، فخانها ، فلما خاف اطلاعهم عليها ، ألقاها في دار أبي مُليل الأنصاري ، فجادل قوم طعمة عنه ، وأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فسألوه أن يبرئه ، ويكذّب اليهودي ، فنزلت الآيات ، هذا قول السدي ، ومقاتل . والثالث أن مشربة رفاعة بن زيدُ نقبت ، وأخذ طعامه وسلاحه ، فاتهم به بنو أبيرق ، وكانوا ثلاثة بشير ، ومبشّر ، وبشر ، فذهب قتادة بن النعمان إِلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إِن أهل بيت منّا فيهم جفاء نقبوا مشربة لعمّي رفاعة بن زيد ، وأخذوا سلاحه ، وطعامه ، فقال : أنظرُ في ذلك ، فذهب قوم من قوم بني أبيرق إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : إِن قتادة بن النعمان ، وعمّه ، عمدوا إِلى أهل بيت منّا يرمونهم بالسرقة وهم أهل بيت إِسلام وصلاح ، فقال النبي لقتادة : رميتهم بالسرقة على غير بيّنة ! فنزلت هذه الآيات . قاله قتادة بن النعمان . والكتاب : القرآن . والحق : الحكم بالعدل . { لتحكم بين الناس } : أي لتقضي بينهم . وفي قوله { بما أراك الله } قولان . أحدهما : أنه الذي علّمه ، والذي علّمه أن لا يقبل دعوى أحد على أحد إِلا ببرهان . والثاني : أنه ما يؤدي إليه اجتهاده ، ذكره الماوردي . قوله تعالى : { ولا تكن للخائنين خصيماً } قال الزجاج : لا تكن مخاصماً ، ولا دافعاً عن خائن . واختلفوا هل خاصم عنه أم لا ؟ على قولين . أحدهما : أنه قام خطيباً فعذره . رواه العوفي عن ابن عباس . والثاني : أنه همَّ بذلك ، ولم يفعله ، قاله سعيد بن جبير ، وقتادة . قال القاضي أبو يعلى : وهذه الآية تدلّ على أنه لا يجوز لأحدٍ أن يخاصم عن غيره في إِثبات حق أو نفيه ، وهو غير عالم بحقيقة أمره ، لأن الله تعالى عاتب نبيّه على مثل ذلك .