Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 117-118)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إن يدعون من دونه إِلا إِناثاً } « إِنْ » بمعنى : « ما » و « يدعون » بمعنى : يعبدون . والهاء في « دونه » ترجع إلى الله عز وجل . والقراءة المشهورة إِناثاً . وقرأ سعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن عمر ، وأبو مجلز ، وأبو المتوكل ، وأبو الجوزاء : إِلا وَثَناً ، بفتح الواو ، والثاء من غير ألف . وقرأ ابن عباس ، وأبو رزين : أُنُثاً ، برفع الهمزة والنون من غير ألف . وقرأ أبو العالية ، ومعاذ القارى ، وأبو نُهيك : أناثاً ، برفع الهمزة وبألف بعد الثاء . وقرأ أبو السوار العدوي ، وأبو شيخ الهنَّائي : أوثاناً ، بهمزة مفتوحة بعدها واو وبألف بعد الثاء . وقرأ أبو هريرة ، والحسن ، والجوني : إِلا أنثى ، على وزن « فعلى » . وقرأ أيوب السختياني : إِلا وُثنا ، برفع الواو والثاء من غير ألف . وقرأ مورّق العجلي : أُثُناً ، برفع الهمزة والثاء من غير ألف . قال الزجاج : فمن قال : إِناثاً ، فهو جمع أنثى وإِناث ، ومَن قال أنثاً ، فهو جمع إِناث ، ومن قال : أُثنا ، فهو جمع وثن ، والأصل وُثنٌ ، إِلا أن الواو إِذا انضمّت جاز إِبدالها همزة ، كقوله تعالى : { وإِذا الرسل أقتت } [ المرسلات : 11 ] . الأصل : وقتت . وجائز أن يكون أُثُن أصلها : أُثْن ، فأتبعت الضمّةُ الضمةَ ، وجائِز أن يكون أثن ، مثل أَسَد وأُسْد . فأما المفسرون ، فلهم في معنى الإِناث أربعة أقوال . أحدها : أن الإِناث بمعنى الأموات ، قاله ابن عباس ، والحسن ، في رواية ، وقتادة . قال الحسن : كل شيء لا روح فيه ، كالحجر ، والخشبة ، فهو إِناث . قال الزجاج : والموات كلها يخبر عنها ، كما يخبر عن المؤنّث ، تقول من ذلك : الأحجار تعجبني ، والدراهم تنفعني . والثاني : أن الإِناث : الأوثان ، وهو قول عائشة ، ومجاهد . والثالث : أن الإِناث اللاّت والعُزّى ومناة ، كلهن مؤنّث ، وهذا قول أبي مالك ، وابن زيد ، والسدي . وروى أبو رجاء عن الحسن قال : لم يكن حيٌ من أحياء العرب إِلاّ ولهم صنم يسمّونه : أُنثى بني فلان ، فنزلت هذه الآية . قال الزجاج : والمعنى : ما يدعون إِلا ما يُسمّونه باسم الإِناث . والرابع : أنها الملائكة كانوا يزعمون أنها بناتُ الله ، قاله الضحاك . وفي المراد بالشيطان ثلاثة أقوال . أحدها : شيطانٌ يكون في الصنم . قال ابن عباس : في كل صنم شيطان يتراءى للسدنة فيكلمهم . وقال أبيُّ بن كعب : مع كل صنم جنيّة . والثاني : أنه إِبليس . وعبادته : طاعته فيما سوّل لهم ، هذا قول مقاتل ، والزجاج . والثالث : أنه أصنامهم التي عبدوا ، ذكره الماوردي . فأما « المريد » ، فقال الزجاج : « المريد » : المارد ، وهو الخارج عن الطاعة ، ومعناه : أنه قد مرد في الشّر ، يقال : مرد الرجل يمرُد مُروداً : إِذا عتا ، وخرج عن الطاعة . وتأويل المرود : أن يبلغ الغاية التي يخرج بها من جملة ما عليه ذلك الصنف ، وأصله في اللغة : املساس الشيء ، ومنه قيل للانسان : أمرد : إِذا لم يكن في وجهه شعر ، وكذلك يقال : شجرة مرداء : إِذا تناثر ورقها ، وصخرة مرداء : إِذا كانت ملساء . وفي قوله : { لعنه الله } قولان . أحدهما : أنه ابتداء دعاء عليه باللعن ، وهو قول من قال : هو الأوثان . والثاني : أنه إِخبار عن لعن متقدم ، وهو قول من قال : هو إِبليس . قال ابن جرير : المعنى : قد لعنه الله . قاله ابن عباس : معنى الكلام : دحره الله ، وأخرجه من الجنة . وقال يعني إِبليس ـ : لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً . وقال ابن قتيبة : أي : حظاً افترضته لنفسي منهم فأُضلُّهم . وقال مقاتل : النصيب المفروض : أنَّ مِنْ كل ألفٍ إنسانٌ واحد في الجنة ، وسائِرهم في النار قال الزجاج : « الفرض » في اللغة : القطع ، و « الفُرضة » : الثلمة تكون في النهر . و « الفرض » في القوس : الحز الذي يشد فيه الوتر ، والفرض فيما ألزمه الله العباد : جعله حتماً عليهم قاطعاً .