Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 19-19)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً } سبب نزولها : أن الرجل كان إِذا مات ، كان أولياؤه أحق بامرأته ، إِن شاؤوا زوجوها ، وإِن شاؤوا لم يزوّجوها ، فنزلت هذه الآية . قاله ابن عباس . وقال في رواية أخرى : كانوا في أول الإِسلام إِذا مات الرجل ، قام أقرب الناس منه ، فيُلقي على امرأته ثوباً ، فيرث نكاحها . وقال مجاهد : كان إِذا توفي الرجل ، فابنه الأكبر أحق بامرأته ، فينكحها إِن شاء ، أو يُنكحها من شاء . وقال أبو أمامة بن سهل ابن حنيف : لما توفي أبو قيس بن الأسلت أراد ابنه أن يتزوج امرأته من بعده ، وكان ذلك لهم في الجاهلية ، فنزلت هذه الآية . قال عكرمة : واسم هذه المرأة : كبيشة بنت معن بن عاصم ، وكان هذا في العرب . وقال أبو مجلز : كانت الأنصار تفعله . وقال ابن زيد : كان هذا في أهل المدينة . وقال السّدي : إنما كان ذلك للأولياء ما لم تسبق المرأة ، فتذهب إِلى أهلها ، فإن ذهبت ، فهي أحق بنفسها . وفي معنى قوله : { أن ترثوا النساء كرهاً } . قولان . أحدهما : أن ترثوا نكاح النساء ، وهذا قول الجمهور . والثاني : أَن ترثوا أموالهن كرهاً . روى ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قال : كان يُلقي حميم الميت على الجارية ثوباً ، فان كانت جميلة تزوجها ، وإِن كانت دَميمة حبسها حتى تموت ، فيرثها . واختلف القراء في فتح كاف « الكره » وضمّها في أربعة مواضع : هاهنا ، وفي { التوبة } وفي { الأحقاف } في موضعين ، فقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو بفتح الكاف فيهن ، وضمهن حمزة . وقرأ عاصم ، وابن عامر بالفتح في { النساء } و { التوبة } وبالضم في { الأحقاف } . وهما لغتان ، قد ذكرناهما في { البقرة } . وفيمن خوطب بقوله { ولا تعضلوهن } ثلاثة أقوال . أحدها : أنه خطاب للأزواج ، ثم في العضل الذي نهى عنه ثلاثة أقوال . أحدها : أن الرجل كان يكره صحبة امرأته ، ولها عليه مهر ، فيحبسها ، ويضربها لتفتدي ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي . والثاني : أن الرجل كان ينكح المرأة الشريفة ، فلعلها لا توافقه ، فيفارقها على أن لا تتزّوج إِلاّ بإذنه ، ويشهد على ذلك ، فاذا خطبت ، فأرضته ، أذن لها ، وإِلا عضلها ، قاله ابن زيد . والثالث : أنهم كانوا بعد الطلاق يعضلون ، كما كانت الجاهلية تفعل ، فنهوا عن ذلك ، روي عن ابن زيد أيضا . وقد ذكرنا في { البقرة } أن الرجل كان يطلق المرأة ، ثم يراجعها ، ثم يطلقها كذلك أبداً إِلى غير غاية يقصد إِضرارها ، حتى نزلت { الطلاق مرتان } [ البقرة : 229 ] . والقول الثاني : أنه خطاب للأولياء ، ثم في ما نهوا عنه ثلاثة أقوال . أحدها : أن الرجل كان في الجاهلية إذا كانت له قرابة قريبة ، ألقى عليها ثوبه ، فلم تتزّوج أبداً غيره إِلا بإذنه ، قاله ابن عباس . والثاني : أن اليتيمة كانت تكون عند الرجل ، فيحبسها حتى تموت ، أو تتزوّج بابنه ، قاله مجاهد . والثالث : أن الأولياء كانوا يمنعون النساء من التزويج ، ليرثوهن ، روي عن مجاهد أيضا . والقول الثالث : انه خطاب لورثة أزواج النساء الذين قيل لهم : لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً . كان الرجل يرث امرأة قريبة ، فيعضلها حتى تموت ، أو تردّ عليه صداقها . هذا قول ابن عباس في آخرين . وعلى هذا يكون الكلام متّصلاً بالأول ، وعلى الأقوال التي قبله يكون ذكر العضل منفصلاً عن قوله : { أن ترثوا النساء } . وفي الفاحشة قولان . أحدهما : أنها النشوز على الزوج ، قاله ابن مسعود ، وابن عباس ، وقتادة في جماعة . والثاني : الزنى ، قاله الحسن ، وعطاء ، وعكرمة في جماعة . وقد روى معمر ، عن عطاء الخراساني ، قال : كانت المرأة إِذا أصابت فاحِشة ، أخذ زوجها ماساق إليها ، وأخرجها ، فنسخ ذلك بالحد . قال ابن جرير : وهذا القول ليس بصحيح ، لأن الحد حق الله ، والافتداء حق للزوج ، وليس أحدهما مبطلاً للآخر ، والصحيح أنها إِذا أتت بأي فاحشةٍ كانت ، من زنى الفرج ، أو بذاءة اللسان ، جاز له أن يعضلها ، ويُضيِّق عليها حتى تفتدي . فأما قوله : { مبيّنة } فقرأ ابن كثير ، وأبو بكر ، عن عاصم : « مُبيَّنة » ، و { آيات مبيَّنات } بفتح الياء فيهما جميعاً . وقرأ ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، وحفص ، عن عاصم : بكسر الياء فيهما ، وقرأ نافع ، أبو عمرو « مبينة » كسراً و « آيات مبينات » فتحا . وقد سبق ذكر « العِشرة » . قوله تعالى : { فعسى أن تكرهوا شيئاً } قال ابن عباس : ربما رزق الله منهما ولداً ، فجعل الله في ولدها خيراً كثيراً . وقد نَدَبت الآية إِلى إِمساكِ المرأة مع الكراهة لها ، ونبَّهت على معنيين . أحدهما : أن الإِنسان لا يعلم وُجوهَ الصلاح ، فرب مكروهٍ عاد محموداً ، ومحمودٍ عاد مذموماً . والثاني : أن الإِنسان لا يكاد يجد محبوباً ليس فيه ما يكره ، فليصبِر على ما يكره لما يُحِبُ . وأنشدوا في هذا المعنى :