Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 6-6)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وابتلوا اليتامى } سبب نزولها أن رجلاً ، يقال له : رفاعة ، مات وترك ولداً صغيراً ، يقال له : ثابت ، فوليه عمّه ، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن ابن أخي يتيم في حجري ، فما يحل لي من ماله ؟ ومتى أدفع إِليه ماله ؟ فنزلت هذه الآية ، ذكر نحوه مقاتل . والابتلاء : الاختبار . وبماذا يختبرون ؟ فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أنهم يختبرون في عقولهم ، قاله ابن عباس ، والسدي ، وسفيان ، ومقاتل . والثاني : يختبرون في عقولهم ودينهم ، قاله الحسن ، وقتادة . وعن مجاهد كالقولين . والثالث : في عقولهم ودينهم ، وحفظهم أموالهم ، ذكره الثعلبي . قال القاضي أبو يعلى : وهذا الابتلاء قبل البلوغ . قوله تعالى : { حتى إذا بلغوا النكاح } قال ابن قتيبة : أي : بلغوا أن ينكحوا النساء { فان آنستم } أي : علمتم ، وتبيّنتم . وأصل : أنست : أبصرت . وفي الرشد أربعة أقوال . أحدها : الصلاح في الدين ، وحفظ المال ، قاله ابن عباس ، والحسن . والثاني : الصلاح في العقل ، وحفظ المال ، روي عن ابن عباس والسدي . والثالث : أنه العقل ، قاله مجاهد ، والنخعي . والرابع : العقل ، والصلاح في الدين ، روي عن السدي . فصل واعلم أن الله تعالى علَّق رفع الحجر عن اليتامى بأمرين ؛ بالبلوغ والرشد ، وأمر الأولياء باختبارهم ، فإذا استبانوا رشدهم ، وجب عليهم تسليم أموالهم إليهم . والبلوغ يكون بأحد خمسة أشياء ، ثلاثة يشترك فيها الرجال والنساء ؛ الاحتلام ، واستكمال خمس عشرة سنة ، والإِنبات ، وشيئان يختصان بالنساء : الحيض والحمل . قوله تعالى : { ولا تأكلوها إِسرافاً } خطاب للأولياء ، قال ابن عباس : لا تأكلوها بغير حق . و « بداراً » : تُبادِرون أكل المال قبل بلوغ الصبِيّ { ومن كان غنياً فليستعفف } بماله عن مال اليتيم . وفي الأكل بالمعروف أربعة أقوال . أحدها : أنه الأخذ على وجه القرض ، وهذا مروي عن عمر ، وابن عباس ، وابن جبير ، وأبي العالية ، وعبيدة ، وأبي وائل ، ومجاهد ، ومقاتل . والثاني : الأكل بمقدار الحاجة من غير إِسراف ، وهذا مروي عن ابن عباس ، والحسن ، وعكرمة ، وعطاء ، والنخعي ، وقتادة ، والسدي . والثالث : أنه الأخذ بقدر الأجرة إِذا عمل لليتيم عملاً ، روي عن ابن عباس ، وعائشة ، وهي رواية أبي طالب ، وابن منصور ، عن أحمد رضي الله عنه . والرابع : أنه الأخذ عند الضرورة ، فان أيسر قضاه ، وإن لم يوسر ، فهو في حل ، وهذا قول الشعبي . فصل واختلف العلماء هل هذه الآية محكمة أو منسوخة ؟ على قولين . أحدهما : محكمة ، وهو قول عمر ، وابن عباس ، والحسن ، والشعبي ، وأبي العالية ، ومجاهد ، وابن جبير ، والنخعي ، وقتادة في آخرين . وحكمها عندهم أن الغني ليس له أن يأكل من مال اليتيم شيئاً ، فأما الفقير الذي لا يجد ما يكفيه ، وتشغله رعاية مال اليتيم عن تحصيل الكفاية ، فله أن يأخذ قدر كفايته بالمعروف من غير إِسراف . وهل عليه الضمان إذا أيسر ؟ فيه قولان لهم . أحدهما : أنه لا ضمان عليه ، بل يكون كالأجرة له على عمله ، وهو قول الحسن ، والشعبي ، والنخعي ، وقتادة ، وأحمد بن حنبل . والثاني : إذا أيسر وجب عليه القضاء ، روي عن عمر وغيره ، وعن ابن عباس أيضا كالقولين . والقول الثاني : أنها منسوخة بقوله { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } [ النساء : 29 ] وهذا مروي عن ابن عباس ، ولا يصح . قوله تعالى : { فأشهدوا عليهم } قال القاضي أبو يعلى : هذا على طريق الاحتياط لليتيم ، والولي ، وليس بواجب ، فأما اليتيم ، فإنه إذا كانت عليه بيِّنة ، كان أبعد من أن يدّعي عدم القبض ، وأما الولي ، فإن تظهر أمانته ، ويسقط عنه اليمين عند إِنكار اليتيم للدَّفع . وفي « الحسيب » ثلاثة أقوال . أحدها : أنه الشهيد ، قاله ابن عباس ، والسدّي ، ومقاتل . والثاني : أنه الكافي ، من قولك : أحسبَني هذا الشيءُ [ أي : كفاني ، والله حسيبي وحسيبك ، أي : كافينا ، أي : يكون حكماً بيننا كافيا . قال الشاعر : @ ونُقْفي وليد الحي إن كان جائعاً ونُحسِبُه إن كان ليس بجائع @@ أي : نعطيه ما يكفيه حتى يقول : حسبي ] قاله ابن قتيبة والخطابي . والثالث : أنه المحاسب ، فيكون في مذهب جليس ، وأكيل ، وشريب ، حكاه ابن قتيبة والخطابي .