Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 79-79)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ما أصابك من حسنة فمن الله } في المخاطب بهذا الكلام ثلاثة أقوال . أحدها : أنه عامٌ ، فتقديره : ما أصابك أيها الإِنسان ، قاله قتادة . والثاني : أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد به غيره ، ذكره الماوردي . وقال ابن الأنباري : ما أصابك الله من حسنة ، وما أصابك الله به من سيئة ، فالفعلان يرجعان إلى الله عز وجل . وفي « الحسنة » و « السيئة » ثلاثة أقوال . أحدها : أن الحسنة ما فُتح عليه يوم بدر ، والسيئة : ما أصابه يوم أُحد ، رواه ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس . والثاني : الحسنة : الطاعة ، والسيئة : المعصية ، قاله أبو العالية . والثالث : الحسنة : النعمة ، والسيئة : البليّة ، قاله ابن قتيبة ، وعن أبي العالية نحوه ، وهو أصح ، لأن الآية عامة . وروى كرداب ، عن يعقوب : { ما أصابك من حسنة فمن الله } بتشديد النون ، ورفعها ، ونصب الميم ، وخفض اسم « الله » { وما أصابك من سيئة فمن نَفسُك } بنصب الميم ، ورفع السين . وقرأ ابن عباس : وما أصابك من سيئة ، فمن نفسك ، وأنا كتبتها عليك . وقرأ ابن مسعود : وأنا عددتها عليك . قوله تعالى : { فمن نفسك } أي : فبذنبك ، قاله الحسن ، وقتادة ، والجماعة . وذكر فيه ابن الأنباري وجهاً آخر ، فقال : المعنى : أفمن نفسك فأضمرت ألف الاستفهام ، كما أضمرت في قوله { وتلك نعمة } أي : أوَ تلك نعمة . قوله تعالى : { وأرسلناك للناس رسولاً } قال الزجاج : ذكر الرسول مؤكّد لقوله : { وأرسلناك } والباء في « بالله » مؤكّدة . والمعنى : وكفى بالله شهيداً . « وشهيداً » منصوب على التمييز ، لأنك إذا قلت : كفى بالله ، ولم تبيّن في أي شيء الكفاية كنت مبهماً . وفي المراد بشهادة الله هاهنا ثلاثة أقوال . أحدها : شهيداً لك بأنك رسوله ، قاله مقاتل . والثاني : على مقالتهم ، قاله ابن السائب . والثالث : لك بالبلاغ ، وعليهم بالتكذيب والنفاق ، قاله أبو سليمان الدمشقي . فان قيل : كيف عاب الله هؤلاء حين قالوا : إِن الحسنة من عند الله ، والسيئة من عند النبي عليه السلام ، وردّ عليهم بقوله : { قل كل من عند الله } ثم عاد ، فقال : { ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك } فهل قال القوم إِلا هكذا ؟ فعنه جوابان . أحدهما : أنهم أضافوا السيئة إِلى النبي صلى الله عليه وسلم تشاؤماً به ، فردّ عليهم ، فقال : كلٌ بتقدير الله . ثم قال : ما أصابك من حسنة ، فمن الله ، أي : من فضله ، وما أصابك من سيئة ، فبذنبك ، وإِن كان الكل من الله تقديراً . والثاني : أن جماعة من أرباب المعاني قالوا : في الكلام محذوف مقدّر ، تقديره : فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً ، يقولون : ما أصابك من حسنة ، فمن الله ، وما أصابك من سيئة ، فمن نفسك . فيكون هذا من قولهم . والمحذوف المقدّر في القرآن كثير ، ومنه قوله : { ربنا تقبل منا } [ البقرة : 127 ] أي : يقولان : ربنا . ومثله { أو به أذى من رأسه فَفِديَة } [ البقرة : 196 ] أي : فحلق ، ففدية . ومثله { فأما الذين اسودت وجههم أكفرتم } [ آل عمران : 106 ] أي : فيقال لهم . ومثله { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم } [ الرعد : 23 ، 24 ] أي : يقولون سلام . ومثله { أو كلّم به الموتى بل لله الأمر } [ الرعد : 31 ] أراد : لكان هذا القرآنَ . ومثله { ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم } [ النور : 20 ] أراد : لعذّبكم . ومثله { ربنا أبصرنا وسمعنا } [ السجدة : 12 ] أي : يقولون . وقال النَّمِرُ بنُ تولب : @ فإنَّ المنيَّة من يخشَها فَسَوْفَ تُصَادِفُه أينما @@ أراد : أينما ذهب . وقال غيره : @ فأقسم لو شيءٌ أتانا رسولُه سواكَ ولكن لم نجد لَك مَدْفعا @@ أراد : لرددناه .