Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 19-25)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ويومَ يُحْشَرُ أعداء الله } وقرأ نافع : " نَحْشُرُ " بالنون " أعداءً " بالنصب . قوله تعالى : { فهم يُوزَعونَ } أي : يُحْبَس أوَّلهم على آخرِهم ليتلاحقوا . { حتَّى إذا ما جاؤوها } يعني النار التي حُشروا إليها { شَهِدَ عليهم سمعُهم وأبصارُهم وجلودُهم } ، وفي المراد بالجلود ثلاثة أقوال : أحدها : الأيدي والأرجل . والثاني : الفروج ، رويا عن ابن عباس . والثالث : أنه الجلود نفسها ، حكاه الماوردي . وقد أخرج مسلم في أفراده من حديث أنس بن مالك قال : " كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال : " هل تدرون مِمَّ أضحك ؟ " قال : قلنا : اللهُ ورسولهُ أعلم . قال : " من مخاطبة العبد ربَّه ، يقول : يارب ألم تُجِرْني من الظُّلْم ؟ قال : يقول : بلى ، قال : فيقول : لا أُجيزُ عليَّ إلا شاهداً منِّي ، قال : فيقول : كفى بنفْسك اليومَ عليكَ شهيداٍ ، وبالكرام الكاتبين شهوداً ، قال : فيُخْتَمُ على فِيه ، فيقال لأركانه : انْطِقي ، قال : فتَنْطقُ بأعماله ، قال : ثُمَّ يُخَلَّى بينَه وبينَ الكلام ، فيقول : بُعْداً لَكُنَّ وسُحْقاً ، فعنكُنَّ كنتُ أًناضِل " قوله تعالى : { قالوا أنطَقَنا اللهُ الذي أنطَق كُلَّ شيءٍ } أي : ممّا نطق . وهاهنا تم الكلام . وما بعده ليس من جواب الجلود . قوله تعالى : { وما كنتم تَستترون أن يَشهد عليكم سمْعُكم ولا أبصارُكم } روى البخاري ومسلم في " الصحيحين " من حديث ابن مسعود قال : كنتُ مستتراً بأستار الكعبة ، فجاء ثلاثة نفرٍ ، قرشيٌّ وخَتْناه ثقفيَّان ، أو ثقفيٌّ وختَنْاه قرشيّان ، كثيرٌ شّحْمُ بُطونهم ، قليلٌ فِقْهُ قُلوبهم ، فتكلَّموا بكلام لم أسمعه ، فقال أحدهم : أتُرَوْنَ اللهَ يَسْمَعُ كلامَنا هذا ؟ فقال الآخران : إنّا إذا رفعنا أصواتنا سَمِعَه ، وإن لم نَرفع لم يَسمع ، وقال الآخر : إن سمع منه شيئاً سمعه كُلَّه ، فذكرتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى : { وما كنتم تَستترون أن يشهد عليكم سمعكم … } إلى قوله : { من الخاسرين } ومعنى " تستترون " : تَسْتَخْفون " أن يَشهد " أي : من أن يشهد " عليكم سَمْعُكم " لأنكم لا تَقدرون على الاستخفاء من جوارحكم ، ولا تظُنُّون أنها تَشهد { ولكن ظَنَنْتم أنَّ الله لا يَعلم كثيراً مما تَعملون } قال ابن عباس : كان الكفار يقولون : إن الله لا يَعلم ما في أنفُسنا ، ولكنه يعلم ما يَظهر ، { وذلكم ظنُّكم } أي : أن الله لا يَعلم ما تعملون ، { أرداكم } أهلككم . { فإن يَصْبِروا } أي : على النّار ، فهي مسكنهم ، { وإن يَسْتَعْتِبوا } أي : يَسألوا أن يُرجَع لهم إلى ما يحبُّون ، لم يُرْجَع لهم ، لأنهم لا يستحقُّون ذلك . يقال : أعتبني فلان ، أي : أرضاني بعد إسخاطه إيّاي . واستعتبتُه ، أي : طلبتُ منه أن يُعْتِب ، أي : يَرضى . قوله تعالى : { وقيَّضْنا لهم قُرنَاءَ } أي : سبَّبنا لهم قرناء من الشياطين { فزيَّنوا لهم ما بين أيديهم وما خَلْفَهم } فيه ثلاثة أقوال : أحدها : ما بين أيديهم : من أمر الآخرة أنه لا جنَّة ولا نار ولا بعث ولا حساب ، وما خَلْفَهم : من أمر الدنيا ، فزيَّنوا لهم اللذّات وجمع الأموال وترك الإنفاق في الخير . والثاني : ما بين أيديهم : من أمر الدنيا ، وما خلفهم : من أمر الآخرة ، على عكس الأول . والثالث : ما بين أيديهم : ما فعلوه ، وما خلفهم : ما عزموا على فعله . وباقي الآية [ قد ] تقدم تفسيره [ الإسراء : 16 ] [ الأعراف : 38 ] .