Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 29-29)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { محمدٌ رسولُ الله } وقرأ الشعبي ، وأبو رجاء ، وأبو المتوكل ، والجحدري : " محمداً رسولُ الله " بالنصب فيهما . قال ابن عباس شَهِد : له بالرِّسالة . قوله تعالى : { والذين معه } يعني أصحابه والأشدّاء : جمع شديد . قال الزجاج : والأصل أَشْدِدَاءُ ، نحو نصيب وأنصباء ، ولكن الدّالَين تحركتا ، فأُدغمت الأولى في الثانية ، [ ومثله ] { مَنْ َيْرَتَّد منكم } [ المائدة : 54 ] . قوله تعالى : { رُحَماءُ بينَهم } الرُّحَماء جمع رحيم ، والمعنى : أنهم يُغْلِظون على الكفار ، وَيتوادُّون بينَهم { تَراهم رُكَّعاً سُجَّداً } يَصِفُ كثرة صَلاتهم { يبتغون فَضْلاً من الله } وهو الجنة { ورِضواناً } وهو رضى الله عنهم . وهذا الوصف لجميع الصحابة عند الجُمهور وروى مبارك بن فضاله عن الحسن البصري أنه قال : " والذين معه " أبو بكر " أشداء على الكفار " عمر " رحماء بينهم " عثمان " تراهم رُكَّعاً سُجَّداً " عليّ بن أبي طالب " يبتغون فضلاً من الله ورضواناً " طلحة والزبير وعبدالرحمن وسعد وسعيد وأبو عبيدة . قوله تعالى : { سِيماهم } أي : علامتهم { في وُجوههم } ، وهل هذه العلامة في الدنيا ، أم في الآخرة ؟ فيه قولان . أحدهما : في الدنيا . ثم فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنها السَّمْت الحسن ، قاله ابن عباس في رواية ابن أبي طلحة ؛ وقال في رواية مجاهد : أما إِنه ليس بالذي ترون ، ولكنه سيما الإِسلام وسَمْتُه وخُشوعُه ، وكذلك قال مجاهد : ليس بِنَدَبِ التراب في الوجه ، ولكنه الخُشوع والوَقار والتواضع . والثاني : أنه نَدَى الطَّهور وتَرَى الأرض ، قاله سعيد بن جبير . وقال أبو العالية : لأنهم يسجُدون على التراب لا على الأثواب . وقال الأوزاعي : بلغني أنه ما حمَلَتْ جباهُهم من الأرض . والثالث : أنه السُّهوم ، فإذا سهم وجه الرجُل من الليل أصبح مُصفارّاً . قال الحسن البصري : " سيماهم في وجوههم " : الصُّفرة ؛ وقال سعيد بن جبير : أثر السهر ؛ وقال شمر بن عطية : هو تهيُّج في الوجه من سهر الليل . والقول الثاني : أنها في الآخرة . ثم فيه قولان . أحدهما : أن مواضع السجود من وجوههم يكون أشدَّ وجوههم بياضاً يوم القيامة ، قاله عطية العوفي ، وإِلى نحو هذا ذهب الحسن ، والزهري . وروى العوفي عن ابن عباس قال : صلاتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة . والثاني : أنهم يُبْعَثون غُراً محجَّلين من أثر الطَّهور ، ذكره الزجاج . قوله تعالى : { ذلك مَثَلُهم } أي : صِفَتُهم والمعنى أن صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه { في التوراة } هذا . فأما قوله : { ومَثَلُهم في الإِنجيل } ففيه ثلاثة أقوال . أحدها : أن هذا المَثَل المذكور أنه في التوراة هو مَثَلُهم في الإِنجيل . قال مجاهد : مَثَلُهم في التوراة والإِنجيل واحد . والثاني : أن المتقدِّم مَثَلُهم في التوراة ، فأمّا مَثَلُهم في الإِنجيل فهو قوله : { كزرعٍ } ، وهذا قول الضحاك ، وابن زيد . والثالث : أن مَثَلَهُم في التوراة والإِنجيل كزرع ، ذكر هذه الأقوال أبو سليمان الدمشقي . قوله تعالى : { أَخْرَجَ شَطْأهَُ } وقرأ ابن كثير ، وابن عامر : [ " شَطَأَهُ " بفتح الطاء والهمزة . وقرأ نافع ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي : { شطْأه } بسكون الطاء . وكلهم يقرأ بهمزة مفتوحة . وقرأ أُبيُّ بن كعب ، وأبو العالية ، وابن أبي عبلة ] : { شَطاءَهُ } بفتح الطاء [ وبالمد ] والهمزة وبألف . قال أبو عبيدة : أي فِراخه يقال أشطأ الزَّرعُ فهو مُشْطِىءُ : إِذا أفرخ { فآزره } أي : ساواه ، وصار مثل الأُمّ . وقرأ ابن عامر : " فأَزَرَهُ " مقصورة الهمزة مثل فَعَلَهُ . وقال ابن قتيبة : آزره أعانه وقوّاه { فاستغلظ } أي : غَلُظ { فاستوى على سُوقِهِ } وهي جمع " ساق " ، وهذا مَثَلٌ ضربه اللهُ عز وجل للنبيَّ صلى الله عليه وسلم إِذ خرج وحده ، فأيَّده بأصحابه ، كما قوَّى الطَّاقة من الزَّرع بما نبت منها حتى كَبُرتْ وغَلُظت واستحكمت . وقرأ ابن كثير : على " سُؤْقه " مهموزة ؛ والباقون بلا همزة . وقال قتادة : في الإِنجيل : سيَخْرج قومٌ ينبتون نبات الزَّرع . وفيمن أُريدَ . بهذا المثَل قولان . أحدهما : أن أصل الزَّرع : عبد المطلب " أخرج شطأه " أخرج محمداً صلى الله عليه وسلم { فآزره } : بأبي بكر { فاستغلظ } : بعمر { فاستوى } : بعثمان { على سوقه } : عليّ بن أبي طالب ، رواه سعيد ابن جبير عن ابن عباس . والثاني : أن المراد بالزَّرع محمد صلى الله عليه وسلم " أخرج شطأه " أبو بكر " فآزره " بعمر " فاستغلظ " بعثمان " فاستوى على سوقه " : بعليّ { يُعْجِبُ الزُّرّاعَ } : يعني المؤمنين " لِيَغيظَ بهم الكُفّار " وهو قول عمر لأهل مكة : لا يُعْبَدُ اللهُ سِرَاً بعد اليوم ، رواه الضحاك عن ابن عباس ، ومبارك عن الحسن . قوله تعالى : { لِيَغيظَ بهم الكُفّار } أي : إِنَّما كثَّرهم وقوَّاهم لِيَغيظ بهم . الكُفّار . وقال مالك بن أنس : من أصبح وفي قلبه غيظ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية . وقال ابن إِدريس : لا آمَنُ أن يكونوا قد ضارعوا الكُفّار ، يعني الرّافضة ، لأن الله تعالى يقول : " لِيَغيظَ بهم الكُفّار " . قوله تعالى : { وَعَدَ اللهُ الذين آمنوا وعَمِلوا الصالحات منهم مغفرةً وأجراً عظيماً } قال الزجاج : في " مِنْ " قولان . أحدهما : أن يكون تخليصاً للجنس من غيره ، كقوله { فاجتَنِبوا الرِّجْسَ من الأوثان } [ الحج : 30 ] ، ومثله أن تقول : أَنْفِقْ من الدَّراهم ، أي : اجعل نفقتك من هذا الجنس . قال ابن الأنباري : معنى الآية : وَعَدَ اللهُ الذين آمَنوا من هذا الجنس ، أي من جنس الصحابة . والثاني : أن يكون [ هذا ] الوعْدُ لِمن أقام منهم على الإيمان والعمل الصالح .