Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 105-105)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم } في سبب نزولها قولان . أحدهما : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إِلى هَجَر ، وعليهم المنذر بن ساوي يدعوهم إِلى الإسلام ، فإن أبوا فليُؤدُّوا الجزية ، فلما أتاه الكتاب ، عرضه على مَن عنده من العرب واليهود والنصارى والمجوس ، فأقرُّوا بالجزية ، وكرهوا الإسلام ، فكتب إِليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أما العرب فلا تقبل منهم إِلا الإسلام أو السّيف ، وأما أهل الكتاب والمجوس فاقبل منهم الجزية » فلما قرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت العرب ، وأعطى أهل الكتاب والمجوس الجزية ، فقال منافقوا مكة : عجباً لمحمدٍ يزعم أن الله بعثه ليقاتل الناس كافة حتى يسلموا ، وقد قبل من مجوس هَجر ، وأهل الكتاب الجزية ، فهلاّ أكرههم على الإسلام ، وقد ردَّها على إِخواننا من العرب ، فشق ذلك على المسلمين ، فنزلت هذه الآية " ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . وقال مقاتل : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقبل الجزية إِلا من أهل الكتاب فلما أسلمت العرب طوعاً وكرهاً ، قبلها من مجوس هَجَر ، فطعن المنافقون في ذلك ، فنزلت هذه الآية . والثاني : أن الرجل كان إِذا أسلم ، قالوا له سفهت آباءك وضللتهم ، وكان ينبغي لك أن تنصرهم ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن زيد . قال الزجاج : ومعنى الآية : إِنما ألزمكم الله أمر أنفسكم ، ولا يؤاخذكم بذنوب غيركم ، وهذه الآية لا توجب ترك الأمر بالمعروف ، لأن المؤمن إِذا تركه وهو مستطيع له ، فهو ضالّ وليس بمهتدٍ . وقال عثمان بن عفان : لم يأت تأويلُها بعد . وقال ابن مسعود : تأويلُها في آخر الزّمان : قولوا ما قبل منكم ، فإذا غلبتم ، فعليكم أنفسكم . وفي وقوله : { لا يضركم مَن ضلَّ إِذا اهتديتم } قولان . أحدهما : لا يضركم من ضل بترك الأمر بالمعروف إِذا اهتديتم أنتم للأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، قاله حُذيفة بن اليمان ، وابن المسيّب . والثاني : لا يضرُّكم من ضل من أهل الكتاب إِذا أدُّوا الجزية ، قاله مجاهد . وفي قوله : { فينبئكم بما كنتم تعملون } تنبيهٌ على الجزاء . فصل فعلى ما ذكرنا عن الزجاج في معنى الآية ، هي محكمة ، وقد ذهب قومٌ من المفسرين إِلى أنها منسوخة ، ولهم في ناسخها قولان . أحدهما : أنه آية السيف . والثاني : أن آخرها نسخ أولها . روي عن أبي عبيد أنه قال : ليس في القرآن آية جمعت الناسخ والمنسوخ غير هذه ، وموضع المنسوخ منها إِلى قوله : { لا يضركم من ضل } والناسخ : قوله : إِذا اهتديتم . والهُدى هاهنا : الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر .