Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 48-48)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وأنزلنا إِليك الكتاب } يعني القرآن { بالحق } أي : بالصدق { مصدقاً لما بين يديه من الكتاب } قال ابن عباس : يريد كلَّ كتاب أنزله الله تعالى . وفي « المهيمن » أربعة أقوال . أحدها : أنه المؤيمن رواه التميمي عن ابن عباس ، وبه قال سعيد بن جبير ، وعكرمة ، وعطاء ، والضحاك . وقال المبرّد : « مهيمن » في معنى : « مؤيمن » إِلا أن الهاء بدل من الهمزة ، كما قالوا : أرقت الماء ، وهرقت ، وإِيّاك وهِيّاك . وأرباب هذا القول يقولون : المعنى : أن القرآن مؤتمن على ما قبله من الكتب إِلا أن ابن أبي نجيح روى عن مجاهد : ومُهيمَناً عليه . قال : محمد مؤتمن على القرآن . فعلى قوله ، في الكلام محذوف ، كأنه قال : وجعلناك يا محمد مهيمناً عليه ، فتكون هاء « عليه » راجعة إِلى القرآن . وعلى غير قول مجاهد ترجع إِلى الكتب المتقدّمة . والثاني : أنه الشاهد ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، وقتادة ، والسدي ، ومقاتل . والثالث : أنه المصدِّق على ما أُخبر عن الكُتُب ، وهذا قول ابن زيد ، وهو قريبٌ من القول الأول . والرابع : أنه الرقيب الحافظ ، قاله الخليل . قوله تعالى : { فاحكم بينهم } يشير إِلى اليهود { بما أنزل الله إِليك } في القرآن { ولا تتّبع أهواءهم عما جاءك من الحق } . قال أبو سليمان : المعنى : فترجع عما جاءك . قال ابن عباس : لا تأخذ بأهوائِهم في جَلد المُحصَن . قوله تعالى : { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً } قال مجاهد : الشرعة : السُّنة ، والمنهاج : الطريق . وقال ابن قتيبة : الشرعة والشريعة واحد ، والمنهاج : الطريق الواضح . فان قيل : كيف نسق « المنهاج » على « الشرعة » وكلاهما بمعنى واحد ؟ فعنه جوابان . أحدهما : أن بينهما فرقاً من وجهين : أحدهما : أن « الشرعة » ابتداء الطريق ، والمنهاج : الطريق المستمر ، قاله المبرّد . والثاني : أن « الشرعة » الطريق الذي ربما كان واضحاً ، وربما كان غير واضح ، والمنهاج : الطريق الذي لا يكون إِلا واضحاً ، ذكره ابن الأنباري : فلما وقع الاختلاف بين الشرعة والمنهاج ، حَسُنَ نسق أحدهما على الآخر . والثاني : أن الشِّرعة والمنهاج بمعنى واحد ، وإِنما نسق أحدهما على الآخر لاختلاف اللفظين . قال الحطيئة : @ ألا حَبَّذّا هندٌ وأرضٌ بها هِندُ وهندٌ أتى من دُونها النَّأْي والبُعْدُ @@ فنسق البُعد على النأي لما خالفه في اللفظ ، وإِن كان موافقاً له في المعنى ، ذكره ابن الأنباري . وأجاب عنه أربابُ القول الأول ، فقالوا « النأي » كل ما قلّ بعده أو كثُر كأنه المفارقة ، والبعد إِنما يُستعمل فيما كثرت مسافة مفارقته . وللمفسرين في معنى الكلام قولان . أحدهما : لكل ملة جعلنا شرعةً ومنهاجاً ، فلأهل التوراة شريعة ، ولأهل الإِنجيل شريعة ، ولأهل القرآن شريعة ، هذا قول الأكثرين . قال قتادة : الخطاب للأمم الثلاث : أمةِ موسى ، وعيسى ، وأمة محمد ، فللتوراة شريعة ، وللإنجيل شريعة ، وللفرقان شريعة يُحِلُّ الله فيها ما يشاء ، ويحرّم [ ما يشاء ] بلاءً ، ليعلمَ من يطيعه ممن يعصيه ، و [ لكن ] الدين الواحد الذي لا يُقبل غيره ، التوحيدُ والإِخلاصُ لله الذي جاءت به الرسل . والثاني : أن المعنى : لكل مَن دخل في دين محمد جعلنا القرآن شرعةً ومنهاجاً ، هذا قوم مجاهد . قوله تعالى : { ولو شاء الله لجعلكم أُمةً واحدةً } فيه قولان . أحدهما : لجمعكم على الحق . والثاني : لجعلكم على ملةٍ واحدةٍ { ولكن ليبلوكم } أي : ليختبركم { في ما آتاكم } من الكتب ، وبيّن لكم من الملل . فإن قيل : إِذا كان المعنى بقوله { لكل جعلنا منكم شرعةً } : نبينا محمداً مع سائِر الأنبياء قبله ، فمن المخاطب بقوله : { ليبلوكم } ؟ فالجواب : أنه خطاب لنبينا ، والمراد به سائِر الأنبياء والأمم . قال ابن جرير : والعرب من شأنها إِذا خاطبت غائباً ، فأرادت الخبر عنه أن تغلِّب المخاطَب ، فتخرج الخبر عنهما على وجه الخطاب . قوله تعالى : { فاستبقوا الخيرات } قال ابن عباس ، والضحاك : هو خطابٌ لأمة محمد عليه السلام . قال مقاتل : و « الخيرات » : الأعمال الصالحة . { إِلى الله مرجعكم } في الآخرة { فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون } مِن الدِّين . قال ابن جرير : قد بين ذلك في الدنيا بالأدلّة والحجج ، وغداً يبينه بالمجازاة .