Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 60-60)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { هل أُنبئكم بشرٍّ من ذلك } قال المفسرون : سبب نزولها قول اليهود للمؤمنين : والله ما علمنا أهل دينٍ أقلّ حظّاً منكم في الدنيا والآخرة ، ولا ديناً شرّاً من دينكم . وفي قوله : { بِشرٍّ مِنْ ذلك } قولان . أحدهما : بشرٍّ من المؤمنين ، قاله ابن عباس . والثاني : بشرٍّ مما نقمتم مِن إِيماننا ، قاله الزجاج . فأما « المثوبة » فهي الثواب . قال الزجاج : وموضع « مَنْ » في قوله : « مَنْ لعنه الله » إِن شئت كان رفعاً ، وإِن شئت كان خفضاً ، فمن خفض جعله بدلاً مِن « شرٍّ » فيكون المعنى : أُنبئكم بمن لعنه الله ؟ ومن رفع فباضمار « هو » كأنَّ قائلاً قال : مَن ذلك ؟ فقيل : هو من لعنه الله . قال أبو صالح عن ابن عباس : من لعنه الله بالجزية ، وغضب عليه بعبادة العجل ، فهم شر مثوبة عند الله . وروي عن ابن عباس أن المسخَين من أصحاب السبت : مسخ شبابهم قردة ، ومشايخهم خنازير . وقال غيره : القردة : أصحاب السبت ، والخنازير : كفار مائدة عيسى . وكان ابن قتيبة يقول : أنا أظنُّ أن هذه القردة ، والخنازير هي المسوخ بأعيانها توالدت . قال : واستدللت بقوله تعالى : { وجعل منهم القردة والخنازير } فدخول الألف واللام يدل على المعرفة ، وعلى أنها القردة التي تعاين ، ولو كان أراد شيئاً انقرض ومضى ، لقال : وجعل منهم قردة وخنازير ، إِلا أن يصحّ حديث أم حبيبة في « المسوخ » فيكون كما قال عليه السلام . قلت أنا : وحديث أم حبيبة في « الصحيح » انفرد بإخراجه مسلم ، وهو أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، القردة ، والخنازير هي ممّا مُسِخ ؟ فقال النبي عليه السلام : " [ إن الله ] لم يمسخ قوماً أو يهلك قوماً ، فيجعل لهم نسلاً ولا عاقبة ، وإِن القردة والخنازير قد كانت قبل ذلك " وقد ذكرنا في سورة ( البقرة ) عن ابن عباس زيادة بيان ذلك ، فلا يُلتفت إِلى ظن ابن قتيبة . قوله تعالى : { وعبد الطاغوت } فيها عشرون قراءة . قرأ ابن كثير ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، ونافع ، والكسائي : « وعبد » بفتح العين والباء والدال ، ونصب تاء « الطاغوت » . وفيها وجهان . أحدهما : أن المعنى : وجعل منهم القردة والخنازير ومن عبد الطاغوت . والثاني : أن المعنى : من لعنه الله وعبد الطاغوت . وقرأ حمزة : « وعَبُدَ الطاغوتِ » بفتح العين والدال ، وضم الباء ، وخفض تاء الطاغوت . قال ثعلب : ليس لها وجه إِلا أن يجمع فَعْل على فَعُل . وقال الزجاج : وجهها أن الاسم بني على « فَعُل » كما تقول : عَلُم زيد ، ورجل حَذُر ، أي : مبالغ في الحذر . فالمعنى : جعل منهم خَدَمة الطاغوت ومن بلغ في طاعة الطاغوت الغاية . وقرأ ابن مسعود ، وأُبيّ بن كعب ، « وعَبَدُوا » ، بفتح العين والباء ، ورفع الدال على الجمع « الطاغوتَ » بالنصب . وقرأ ابن عباس ، وابن أبي عبلة : « وعَبَدَ » بفتح العين والباء والدال ، إِلا أنهما كسرا تاء « الطاغوت » . قال الفراء : أرادا « عبدة » فحذفا الهاء . وقرأ أنس ابن مالك : « وعَبيدَ » بفتح العين والدال وبياء بعد الباء وخفض تاء « الطاغوت » وقرأ أيوب ، والأعمش : « وعُبَّدَ » ، برفع العين ونصب الباء والدال ، مع تشديد الباء ، وكسر تاء " الطاغوت " . وقرأ أبو هريرة ، وأبو رجاء ، وابن السميفع ، « وعابد » بألف ، مكسورة الباء ، مفتوحة الدال ، مع كسر تاء « الطاغوت » . وقرأ أبو العالية ، ويحيى ابن وثَّاب : « وعُبُدَ » برفع العين والباء وفتح الدال ، مع كسر تاء الطاغوت . قال الزجاج : هو جمع عبيد ، وعُبُد مثل رغيف ، ورغُف ، وسرير ، وسُرُر ، والمعنى : وجعل منهم عبيد الطاغوت . وقرأ أبو عمران الجوني ، ومورّق العجلي ، والنخعي : « وعُبِدَ » برفع العين وكسر الباء مخففة ، وفتح الدال مع ضم تاء « الطاغوت » . وقرأ أبو المتوكل ، وأبو الجوزاء ، وعكرمة : « وعَبَّد » بفتح العين والدال ، وتشديد الباء مع نصب تاء الطاغوت . وقرأ الحسن ، وأبو مجلز ، وأبو نهيك : « وعَبْدَ » بفتح العين والدال ، وسكون الباء خفيفة مع كسر تاء الطاغوت . وقرأ قتادة ، وهذيل ابن شرحبيل : « وعَبَدَة » بفتح العين والباء والدال وتاء في اللفظ منصوبة بعد الدال « الطواغيت » بالف وواو وياء بعد الغين على الجمع . وقرأ الضحاك ، وعمرو بن دينار : « وعُبَدَ » برفع العين وفتح الباء ، والدال مع تخفيف الباء ، وكسر تاء « الطاغوت » . وقرأ سعيد بن جبير ، والشعبي : « وعَبْدَة » مثل حمزة ، إِلا أنهما رفعا تاء « الطاغوت » . وقرأ يحيى بن يعمر ، والجحدري : « وعَبُدُ » بفتح العين ورفع الباء والدال مع كسر تاء « الطاغوت » . وقرأ أبو الأشهب العطاردي : « وعُبْدَ » برفع العين وتسكين الباء ، ونصب الدال ، مع كسر تاء « الطاغوت » . وقرأ أبو السمّاك : « وعَبَدَةُ » بفتح العين والباء والدال ، وتاء في اللفظ بعد الدال ، مرفوعة مع كسر تاء « الطاغوت » . وقرأ معاذ القارىء : « وعابد » مثل قراءة أبي هريرة إِلا أنه ضم الدال . وقرأ أبو حيوة : « وعُبّادَ » بتشديد الباء وبألف بعدها مع رفع العين ، وفتح الدال . وقرأ ابن حَذْلَمْ ، وعمرو بن فائد : « وعَبّادُ » مثل أبي حيوة إِلا أن العين مفتوحة والدال مضمومة . وقد سبق ذكر « الطاغوت » في سورة ( البقرة ) . وفي المراد به هاهنا قولان . أحدهما : الأصنام . والثاني : الشيطان . قوله تعالى : { أولئك شرٌ مكاناً } أي : هؤلاء الذين وصفناهم شر مكاناً من المؤمنين ، ولا شرّ في مكان المؤمنين ، ولكن الكلام مبني على كلام الخصم ، حين قالوا للمؤمنين : لا نعرف شراً منكم ، فقيل : من كان بهذه الصّفة ، فهو شرٌ منهم .