Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 64-64)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وقالت اليهود يدُ الله مغلولة } قال أبو صالح عن ابن عباس : نزلت في فنحاص اليهودي وأصحابه ، قالوا : يد الله مغلولة . وقال مقاتل : فنحاص وابن صلوبا ، وعازر بن أبي عازر . وفي سبب قولهم هذا ثلاثة أقوال . أحدها : أن الله تعالى كان قد بسط لهم الرزق ، فلما عصوا الله تعالى في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وكفروا به كفَّ عنهم بعض ما كان بسط لهم ، فقالوا : يد الله مغلولة ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال عكرمة . والثاني : أن الله تعالى استقرض منهم كما استقرض من هذه الأمة ، فقالوا : إِن الله بخيل ، ويده مغلولة فهو يستقرضنا ، قاله قتادة . والثالث : أن النصارى لما أعانوا بختنصر المجوسي على تخريب بيت المقدس ، قالت اليهود : لو كان الله صحيحاً ، لمنعنا منه ، فيده مغلولة ، ذكره قتادة أيضاً . والمغلولة : الممسَكة المنقبضة . وعن ماذا عَنوا أنها ممسكة ، فيه قولان . أحدهما : عن العطاء ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والفراء ، وابن قتيبة ، والزجاج . والثاني : ممسكة عن عذابنا ، فلا يعذبنا إِلا تحلّة القسم بقدر عبادتنا العجل ، قاله الحسن . وفي قوله : { غلت أيديهم } ثلاثة أقوال . أحدها : غلت في جهنم ، قاله الحسن . والثاني : أُمسكت عن الخير ، قاله مقاتل . والثالث : جُعِلوا بُخلاء ، فهم أبخل قوم ، قاله الزجاج . قال ابن الأنباري : وهذا خبر أخبر الله تعالى به الخلق أن هذا قد نزل بهم ، وموضعه نصب على معنى الحال . تقديره : قالت اليهود هذا في حال حكم الله بغل أيديهم ، ولعنته إِياهم ، ويجوز أن يكون المعنى : فغلت أيديهم ، ويجوز أن يكون دعاء ، معناه : تعليم الله لنا كيف ندعو عليهم ، كقوله : { تبّت يدا أبي لهب } [ اللهب : 1 ] وقوله : { لتدخلن المسجد الحرام إِن شاء الله آمنين } [ الفتح : 27 ] . وفي قوله : { ولعنوا بما قالوا } ثلاثة أقوال . أحدها : أُبعدوا من رحمة الله . والثاني : عذبوا في الدنيا بالجزية ، وفي الآخرة بالنّار . والثالث : مُسخوا قردة وخنازير . وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من لعن شيئاً لم يكن للعنه أهلاً رجعت اللعنة على اليهود بلعنة الله إِياهم " قال الزجاج : وقد ذهب قومٌ إِلى أن معنى « يد الله » : نعمته ، وهذا خطأ ينقضه { بل يداه مبسوطتان } فيكون المعنى على قولهم : نعمتاه ، ونعم الله أكثر من أن تحصى . والمراد بقوله : بل { يداه مبسوطتان } : أنه جواد ينفق كيف يشاء وإِلى نحو هذا ذهب ابن الأنباري . قال ابن عباس : إِن شاء وسَّع في الرزق . وإِن شاء قتَّر . قوله تعالى : { وليزيدن كثيراً منهم ما أُنزل إِليك من ربك طغياناً وكفراً } . قال الزجاج : كلما أُنزل عليك شيء كفروا به ، فيزيد كفرهم . « والطغيان » هاهنا : الغلو في الكفر . وقال مقاتل : وليزيدن بني النضير ما أُنزل إِليك من ربك من أمر الرجم والدّماء طغياناً وكفراً . قوله تعالى : { وألقينا بينهم العداوة والبغضاء } فيمن عني بهذا قولان . أحدهما : اليهود والنصارى ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، ومقاتل . فإن قيل : فأين ذكر النصارى ؟ فالجواب : أنه قد تقدم في قوله : { لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء } . والثاني : أنهم اليهود ، قاله قتادة . قوله تعالى : { كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله } ذِكْر إِيقاد النار مَثَلٌ ضُربَ لاجتهادهم في المحاربة ، وقيل : إِن الأصل في استعارة اسم النار للحرب أن القبيلة من العرب كانت إِذا أرادت حرب أُخرى أوقدت النار على رؤوس الجبال ، والمواضع المرتفعة ، ليعلم استعدادهم للحرب ، فيتأهب من يريد إِعانتهم . وقيل : كانوا إِذا تحالفوا على الجدِّ في حربهم ، أوقدوا ناراً ، وتحالفوا . وفي معنى الآية قولان . أحدهما : كلما جمعوا لحرب النبي صلى الله عليه وسلم فرّقهم الله . والثاني : كلما مكروا مكراً رده الله . قوله تعالى : { ويسعون في الأرض فساداً } فيه أربعة أقوال . أحدها : بالمعاصي ، قاله ابن عباس ، ومقاتل . والثاني : بمحو ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من كتبهم ودفع الإِسلام ، قاله الزجاج . والثالث : بالكفر . والرابع : بالظلم ، ذكرهما الماوردي .