Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 52, Ayat: 1-16)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { والطُّورِ } هذا قَسم بالجبل الذي كلَّم اللهُ عز وجل عليه موسى عليه السلام ، وهو بأرض مَدْين [ واسمه زَبير ] . { وكتابٍ مسطورٍ } أي : مكتوب ، وفيه أربعة أقوال . أحدها : أنه اللوح المحفوظ ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : كتب أعمال بني آدم ، قاله مقاتل ، والزجاج . والثالث : التوراة . والرابع : « القرآن » حكاهما الماوردي . قوله تعالى : { في رَقٍّ } قال أبو عبيدة : الرَّقُّ : الوَرَق . فأما المنشور فهو المبسوط . قوله تعالى : { والبيتِ المعمورِ } فيه قولان . أحدهما : أنه بيت في السماء . وفي أي سماء هو ؟ [ فيه ] ثلاثة أقوال : أحدها : [ أنه ] في السماء السابعة . رواه أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم . وحديث مالك بن صعصعة الذي أُخرج في « الصحيحين » يدل عليه . والثاني : أنه في السماء السادسة ، قاله عليّ رضي الله عنه . والثالث : أنه في السماء الدنيا ، رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال ابن عباس : هو حيال الكعبة يحُجُّه كُلَّ يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون فيه حتى تقوم الساعة ، يسمى الضُّراح . وقال الربيع بن أنس : كان البيت المعمور مكان الكعبة في زمان آدم ، فلمّا كان زمن نوح أمر الناس بحجِّه ، فعصوه ، فلمّا طغى الماءُ رُفع فجُعل بحذاء البيت في السماء الدنيا . والثاني : أنه البيت الحرام ، قاله الحسن . وقال أبو عبيدة : ومعنى : « المعمور » الكثير الغاشية . قوله تعالى : { والسَّقْفِ المرفوعِ } فيه قولان : أحدهما : أنه السماء ، قاله علي رضي الله عنه والجمهور . والثاني : العرش ، قاله الربيع . قوله تعالى : { والبحرِ } فيه قولان . أحدهما : أنه بحر تحت العرش ماؤه غليظ يُمْطَر العباد منه بعد النفخة الأولى أربعين صباحاً فينبتُون في قبورهم ، قاله عليّ رضي الله عنه . والثاني : أنه بحر الأرض ، ذكره الماوردي . وفي { المسجور } أربعة أقوال . أحدها : المملوء ، قاله الحسن ، وأبو صالح ، وابن السائب ، وجميع اللغويين . والثاني : أنه المُوقد ، قاله مجاهد ، وابن زيد . وقال شمر بن عطية : هو بمنزلة التنور المسجور . والثالث : أنه اليابس الذي قد ذهب ماؤه ونضب ، قاله أبو العالية . وروي عن الحسن قال : تسجر ، يعني البحار ، حتى يذهب ماؤها ، فلا يبقى فيها قطرة . وقول هذين يرجع إلى معنى قول مجاهد . وقد نقل في الحديث أن الله تعالى يجعل البحار كلَّها ناراً ، فتزاد في نار جهنم . والرابع : أن « المسجور » المختلط عذْبه بمِلحه ، قاله الربيع بن أنس . فأقسم اللهُ تعالى بهذه الأشياء للتنبيه على ما فيها من عظيم قدرته على أن تعذيب المشركين حق ، فقال : { إنَّ عذاب ربِّك لواقعٌ } أي : لكائن في الآخرة . ثم بيَّن متى يقع ، فقال : { يومَ تمورُ السماءُ موْراً } وفيه ثلاثة أقوال . أحدها : تدور دَوْراً « رواه عكرمة عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وهو اختيار الفراء وابن قتيبة والزجاج . والثاني : تحرَّكُ تحرُّكاً ، رواه ابن ابي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال قتادة . وقال أبو عبيدة « تمور » أي : تَكفّأُ ، وقال الأعشى : @ كأنَّ مِشْيتَها مِنْ بيْتِ جارَتِها مَوْرُ السَّحابةِ لا ريْثٌ ولا عَجَلُ @@ والثالث : يموج بعضها في بعض لأمر الله تعالى ، قاله الضحاك . وما بعد هذا قد سبق بيانه [ النمل : 88 ] إلى قوله : { الذين هُمْ في خوْضٍ يلعبون } أي : يخوضون في حديث محمد صلى الله عليه وسلم بالتكذيب والاستهزاء ، ويلهُون بذكْره ، فالويل لهم . { ويوم يُدعُّون } قال ابن قتيبة : أي : يُدْفعون ، يقال : دععْتُه أدُعُّه ، أي : دفعته ، ومنه قوله { يدُعُّ اليتيم } [ الماعون : 2 ] قال ابن عباس : يُدْفع في أعناقهم حتى يردوا النّار . وقال مقاتل : تُغلُّ أيديهم إلى أعناقهم وتُجْمعُ نواصيهم إلى أقدامهم ، ثم يُدفعون إلى جهنم على وجوههم ، حتى إذا دَنوا منها قالت لهم خزنتُها : { هذه النار التي كنتم بها تكذِّبون } في الدنيا { أفسحر هذا } العذاب الذي ترون ؟ فإنكم زعمتم أن الرُّسل سحرةٌ { أمْ أنتم لا تُبْصِرون } النار ؟ فلمّا أُلقوا فيها قال لهم خزنتُها : { إصْلوها } . وقال غيره : لمّا نسبوا محمداً صلى الله عليه وسلم إلى أنه ساحر يغطِّي على الأبصار بالسِّحر ، وُبِّخوا عند رؤية النار بهذا التوبيخ ، وقيل : { إصلوها } أي : قاسوا شِدَّتها { فاصبِروا } على العذاب { أو لا تصْبِروا سواءٌ عليكم } الصَّبر والجزع { إنمَّا تُجْزوْن } جزاء { ما كنتم تعملون } من الكفر والتكذيب .