Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 54-61)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مُتَّكِئِين } هذا حال المذكورين { على فُرُشٍ } جمع فِراش { بطائنُها } جمع بِطانة ، وهي التي تحت الظِّهارة . وقال أبو هريرة : هذه البطائن ، فما ظنُّكم بالظهائر ؟ ! وقال ابن عباس : إنما ترك وصف الظواهر ، لأنه ليس أحدٌ يعلم ما هي . وقال قتادة : البطائن : هي الظواهر بلُغة قوم . وكان الفراء يقول : قد تكون البطانة ظاهرة ، والظاهرة بطانة ، لأن كل واحد منهما قد يكون وجهاً ، والعرب تقول : هذا ظَهْرُ السماءِ ، وهذا بَطْنُ السَّماءِ ، لظاهرها ، وهو الذي نراه ، وقال ابن الزبير يَعيب قَتَلة عثمان : خرجوا عليه كاللصوص من وراء القرية ، فقتلهم الله كل قتلة ، ونجا منهم من نجا تحت بطون الكواكب . يعني هربوا ليلاً ؛ فجعلوا ظهور الكواكب بطوناً ، وذلك جائز في العربيَّة . وأنكر هذا القول ابن قتيبة جداً ، وقال : إنما أراد الله أن يعرِّفنا من حيث نَفهم فضلَ هذه الفُرش وأن ما وليَ الأرض منها إستَبْرَقٌ ، وإذا كانت البِطانة كذلك ، فالظِّهارةُ أعلى وأشرفُ . وهل يجوز [ لأحد ] أن يقول لوجهِ مصَلٍّ : هذا بِطانتُه ، ولِما وَلِيَ الأرضَ منه : هذا ظِهارته ؟ ! وإنما يجوز هذا في ذي الوجهين المتساويين ، تقول لِما وَلِيَك من الحائط : هذا ظَهْرُ الحائط ، ويقول جارك لِما وَلِيَه : هذا ظَهْرُ الحائط ، وكذلك السماء ماوَلِيَنا منها : ظَهْر ، وهي لِمَن فَوْقَها : بَطْن . وقد ذكرنا الإستبرق في [ سورة الكهف : 31 ] . قوله تعالى : { وجنى الجَنَّتَين دانٍ } قال أبو عبيدة : أي : ما يُجتنى قريبٌ لا يُعَنِّي الجانِيَ . قوله تعالى : { فِيهِنَّ قاصراتُ الطَّرْفِ } قد شرحناه في [ الصافات : 48 ] . وفي قوله : « فِيهِنَّ » قولان . أحدهما : أنها تعود إلى الجَنَّتَين وغيرهما مما أُعدَّ لصاحب هذه القِصَّة ، قاله الزجاج . والثاني : أنها تعود إلى الفُرُش ، ذكره علي بن أحمد النيسابوري . قوله تعالى : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ } قرأ الكسائي بضم الميم ، والباقون بكسرها ، وهما لغتان : يَطْمِثُ ويَطْمُثُ ، مثل يَعْكِفُ ويَعْكِفُ . وفي معناه قولان . أحدهما : لم يَقْتَضِضْهُنَّ ؛ والطَّمْثُ : النِّكاح بالتَّدمية ، ومنه قيل للحائض : طامِثٌ ، قاله الفراء . والثاني : لَمْ يَمْسَسْهُنَّ ؛ يقال : ما طَمَثَ هذا البعيرَ حَبْلٌ قَطٌ ، أي : ما مسَّه ، قاله أبو عبيدة . قال مقاتل : وذلك لأنهنَّ خُلِقْنَ من الجَنَّة ؛ فعلى قوله ، هذا صفة الحُور . وقال الشعبي : هُنَّ من نساء الدنيا لَمْ يَمْسَسْهُنَّ مذ أُنشئن خَلْقٌ . وفي الآية دليل على أن الجِنِّيَّ يَغْشَى المرأة كالإنسيِّ . قوله تعالى : { كأنَّهُنَّ الياقوتُ والمُرْجانُ } قال قتادة : هُنَّ في صفاء الياقوت وبياض المَرْجان . وذكر الزجاج أن أهل التفسير وأهل اللغة قالوا : هُنَّ في صفاء الياقوت وبياض المَرْجان والمَرْجان : صِغار اللؤلؤ ، وهو أشدُّ بياضاً . وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي قال : « الياقوت » فارسيٌّ معرَّب ، والجمع « اليواقيت » وقد تكلَّمت به العربُ ، قال مالكُ بن نُوَيْرَةَ اليَرْبُوعيّ : @ لَنْ يُذْهِبَ اللُّؤْمَ تاجٌ قَدْ حُبِيتَ بِهِ مِنَ الزَّبَرْجَدِ والياقوتِ والذَّهَبِ @@ قوله تعالى : { هَلْ جزآءُ الإحسانِ إلاّ الإحسانُ } قال الزجاج ، أي : ما جزاءُ مَنْ أحسنَ في الدُّنيا إلاّ أن يُحسَنَ إِليه في الآخرة . وقال ابن عباس : هل جزاءُ من قال : « لا إِله إِلاّ اللهُ » وعَمِل بما جاء به محمدٌ صلى الله عليه وسلم إلاّ الجنة . وروى أنس بن مالك قال : " قرأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ، وقال : « هل تدرون ما قال ربُّكم » ؟ قالوا : اللهُ ورسُوله أعلمُ ، قال : « فإن ربَّكم يقول : هل جزاءُ مَنْ أنْعَمْنا عليه بالتوحيد إلاّ الجنّة » "