Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 103-103)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لا تدركه الأبصار } في الإدراك قولان . أحدهما : أنه بمعنى الإحاطة . والثاني : بمعنى الرؤية . وفي { الأبصار } قولان . أحدهما : أنها العيون ، قاله الجمهور . والثاني : أنها العقول ، رواه عبد الرحمن ابن مهدي عن أبي حصين القارىء . ففي معنى الآية ثلاثة أقوال . أحدها : لا تحيط به الأبصار ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال سعيد ابن المسيب وعطاء . وقال الزجاج : معنى الآية : الإحاطة بحقيقته ، وليس فيها دفع للرؤية ، لِما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرؤية ، وهذا مذهب أهل السُنَّة والعلم والحديث . والثاني : لا تدركه الأبصار إذا تجلَّى بنوره الذي هو نوره ، رواه عكرمة عن ابن عباس . والثالث : لا تدركه الأبصار في الدنيا ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، ومقاتل . ويدل على أن الآية مخصوصة بالدنيا ، قوله : { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة } [ القيامة : 22 - 23 ] فقيَّد النظر إليه بالقيامة ، وأطلق في هذه الآية ، والمطلق يحمل على المقيد . وقوله تعالى : { وهو يدرك الأبصار } فيه القولان . قال الزجاج : وفي هذا الإعلام دليل على أنَّ خَلْقَه لا يدركون الأبصار ، أي : لا يعرفون حقيقة البصر ، وما الشيء الذي صار به الإنسان يبصر من عينيه ، دون أن يبصر من غيرهما من أعضائه ؛ فأعلم الله أن خلقاً من خلقه لا يدرك المخلوقون كنهه ، ولا يحيطون بعلمه ؛ فكيف به عز وجل ؟ ! فأما « اللطيف » فقال أبو سليمان الخطابي : هو البرّ بعباده ، الذي يلطف بهم من حيث لا يعلمون ، ويسبِّب لهم مصالحهم من حيث لا يحتسبون . قال ابن الاعرابي : اللطيف : الذي يوصل إليك أرَبَك في رِفق ؛ ومنه قولهم : لطف الله بك ؛ ويقال : هو الذي لَطُفَ عن أن يُدرَك بالكيفية . وقد يكون اللطف بمعنى الدقة والغموض ، ويكون بمعنى الصغر في نعوت الأجسام ، وذلك مما لا يليق بصفات الباري سبحانه . وقال الأزهري : اللطيف من أسماء الله ، معناه الرفيق بعباده ؛ والخبير : العالم بكنه الشيء ، المطلع على حقيقته .