Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 93-93)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحي إليَّ } اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال . أحدها : أن أولها ، إلى قوله : { ولم يوحَ إليه شيء } نزل في مُسيلمة الكذاب . وقوله تعالى : { ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله } نزل في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، كان قد تكلم بالإسلام ، وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأحايين ، فاذا أُملي عليه : « عزيز حكيم » كتب : « غفور رحيم » فيقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا وذاك سواء . فلما نزلت { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } [ المؤمنون : 12 ] أملاها عليه ، فلما انتهى إلى قوله : { خلقا آخر } [ المؤمنون : 14 ] عجب عبد الله بن سعد ، فقال : { تبارك الله أحسن الخالقين } [ المؤمنون : 14 ] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . " كذا أنزلت عليَّ فاكتبها " فشك حينئذ ، وقال : لئن كان محمد صادقاً ، لقد أوحي إليَّ كما أوحي إليه ، ولئن كان كاذباً ، لقد قلت كما قال ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . قال عكرمة : ثم رجع إلى الإسلام قبل فتح مكة . والقول الثاني : أن جميع الآية في عبد الله بن سعد ، قاله السدي . والثالث : أنها نزلت في مسيلمة ، والأسود العنْسيّ ، قاله قتادة . فان قيل : كيف أفرد قوله : { أو قال أُوحي إليَّ } من قوله : { ومن أظلم ممن افترى } وذاك مفترٍ أيضا ؟ فعنه جوابان . أحدهما : أن الوصفين لرجل واحد ، وصف بأمر بعد أمر ليدل على جرأته . والثاني : أنه خص بقوله : { أو قال أُوحي إليَّ } بعد أن عم بقوله : { افترى على الله } لأنه ليس كل مفترٍ على الله يدعي أنه يوحى إليه ، ذكرهما ابن الأنباري . قوله تعالى : { سأُنزل مثل ما أنزل الله } أي : سأقول . قال ابن عباس : يعنون الشعر ، وهم المستهزؤون . وقيل : هو قول عبد الله بن سعد بن أبي سرح . قال الزجاج : وهذا جواب لقولهم : { لو نشاء لقلنا مثل هذا } . قوله تعالى : { ولو ترى إذ الظالمون } فيهم ثلاثة أقوال . أحدها : أنهم قوم كانوا مسلمين بمكة ، فأخرجهم الكفار معهم إلى قتال بدر ، فلما أبصروا قلَّة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجعوا عن الإيمان ، فنزل فيهم هذا ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : أنهم الذين قالوا : { ما أنزل الله على بشر من شيء } قاله أبو سليمان . والثالث : الموصوفون في هذه الآية ، وهم المفترون والمدَّعون الوحي إليهم ، ومماثلة كلام الله . قال الزجاج : وجواب « لو » محذوف ؛ والمعنى : لو تراهم في غمرات الموت لرأيت عذاباً عظيماً . ويقال : لكل من كان في شيء كبير : قد غمر فلاناً ذلك . قال ابن عباس : غمرات الموت : سكراته . قال ابن الانباري : قال اللغويون : سميت غمرات ، لأن أهوالها يغمرن من يقعن به . قوله تعالى : { والملائكة باسطو أيديهم } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : بالضرب ، قاله ابن عباس . والثاني : بالعذاب ، قاله الحسن ، والضحاك . والثالث : باسطوها لقبض الأرواح من الأجساد ، قاله الفراء . وفي الوقت الذي يكون هذا فيه ثلاثة أقوال . أحدها : عند الموت ، قال ابن عباس هذا عند الموت ، الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ، وملك الموت يتوفاهم . والثاني : يوم القيامة ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . والثالث : في النار ، قاله الحسن . قوله تعالى : { أخرجوا أنفسكم } فيه إضمار « يقولون » وفي معناه قولان . أحدهما : استسلموا لإخراج أنفسكم . والثاني : أخرجوا أنفسكم من العذاب إن قدرتم . قوله تعالى : { تجزَون عذاب الهون } قال أبو عبيدة : الهون : مضموم ، وهو الهوان ، وإذا فتحوا أوله ، فهو الرِّفق والدَّعة . قال الزجاج : والمعنى : تجزَون العذاب الذي يقع به الهوان الشديد .