Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 61, Ayat: 1-4)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { لم تقولون ما لا تفعلون } في سبب نزولها خمسة أقوال : أحدها : ما روى أبو سلمة عن عبد الله بن سلام ، قال : قعدنا نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلنا : لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل عملناه ، فأنزل الله { سبح لله ما في السموات } إلى آخر السورة . والثاني : أن الرجل كان يجيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول : فعلتُ كذا وكذا ، وما فعل ، فنزلت « لم تقولون ما لا تفعلون » رواه عكرمة عن ابن عباس ، وكذلك قال الضحاك : كان الرجل يقول : قاتلتُ ، ولم يقاتل ، وطعنت ، ولم يطعن ، وصبرت ، ولم يصبر ، فنزلت هذه الآية . والثالث : أن ناساً من المسلمين كانوا يقولون قبل أن يفرض الجهاد : لوددنا أن الله تعالى دلنا على أحب الأعمال إِليه ، فلما نزل الجهاد ، كرهه ناس من المؤمنين ، فنزلت هذه الآية ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . والرابع : أن صهيباً قتل رجلاً يوم بدر ، فجاء رجل فادعى أنه قتله وأخذ سلبه ، فقال صهيب : أنا قتلته يا رسول الله ، فأمره أن يدفع سلبه إلى صهيب ، ونزلت هذه الآية ، رواه سعيد بن المسيب عن صهيب . والخامس : أن المنافقين كانوا يقولون للنبي وأصحابه : لو قد خرجتم خرجنا معكم ، ونصرناكم . فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم نكصوا عنه ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن زيد . قوله تعالى : { كبُر مقتاً عند الله } قال الزجاج : « مقتاً » منصوب على التمييز ، والمعنى : كَبُرَ قولُكم ما لا تفعلون مقتاً عند الله . ثم أعلم عز وجل ما الذي يحبه ، فقال تعالى : { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص } أي : بنيان لاصق بعضه ببعض ، فأعلم أنه يحب من يثبت في الجهاد ، ويلزم مكانه كثبوت البنيان المرصوص . ويجوز أن يكون عنى أن يستوي ثباتهم في حرب عدوِّهم حتى يكونوا في اجتماع الكلمة كالبنيان المرصوص ، وللمفسرين في المراد بـ « المرصوص » قولان . أحدهما : أنه الملتصق بعضه ببعض ، فلا يرى فيه خلل لإحكامه ، قاله الأكثرون . والثاني : أنه المبنيُّ بالرصاص ، وإلى نحو هذا ذهب الفراء ، وكان أبو بحرية يقول : كانوا يكرهون القتال على الخيل ، ويستحبُّون القتال على الأرض لهذه الآية اسم أبي بحرية : عبد الله بن قيس التَّراغِمي ، يروي عن معاذ ، وكأنه أشار بذلك إلى أن الفرسان لا يصطفُّون في الغالب إنما يَصْطَفُّ الرَّجَّالة .