Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 143-144)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ولما جاء موسى لميقاتنا } قال الزجاج : أي : للوقت الذي وقَّتنا له . { وكلَّمه ربُّه } أسمعه كلامه ، ولم يكن فيما بينه وبين الله عز وجل فيما سمع أحد . { قال رب أرني أنظر إليك } أي : أرني نفسك . قوله تعالى : { قال لن تراني } تعلق بهذا نُفاة الرؤية وقالوا : « لن » لنفي الأبد ، وذلك غلط ، لأنها قد وردت وليس المراد بها الأبد في قوله : { ولن يتمنَّوه أبداً بما قدمت أيديهم } [ البقرة : 95 ] ثم أخبر عنهم بتمنِّيه في النار بقوله : { يا مالك ليقض علينا ربك } [ الزخرف : 77 ] ولأن ابن عباس قال في تفسيرها : لن تراني في الدنيا . وقال غيره : هذا جواب لقول موسى : « أرني » ولم يُرد : أرني في الآخرة ، وإنما أراد في الدنيا ، فأُجيب عما سأل . وقال بعضهم : لن تراني بسؤالك . وفي هذه الآية دلالة على جواز الرؤية ، لأن موسى مع علمه بالله تعالى ، سألها ، ولو كانت مما يستحيل لما جاز لموسى أن يسألها ، ولا يجوز أن يجهل موسى مثل ذلك ، لأن معرفة الأنبياء بالله ليس فيها نقص ، ولأن الله تعالى لم ينكر عليه المسألة وإنما منعه من الرؤية ، ولو استحالت عليه لقال : « لا أُرى » ، ألا ترى أن نوحا لما قال : { إن ابني من أهلي } [ هود : 45 ] أنكر عليه بقوله : { إِنه ليس من أهلك } [ هود : 46 ] . ومما يدل على جواز الرؤية أنه علَّقها باستقرار الجبل ، وذلك جائز غير مستحيل ، فدل على أنها جائزة ، ألا ترى أن دخول الكفار الجنة لما استحال علَّقه بمستحيل فقال : { حتى يلج الجمل في سَمِّ الخياط } [ الأعراف : 40 ] . قوله تعالى : { فان استقر مكانه } أي : ثبت ولم يتضعضع . قوله تعالى : { فلما تجلَّى ربُّه } قال الزجاج : ظهر ، وبان . { جعله دَكّاً } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر : « دكاً » منونة مقصورة هاهنا وفي [ الكهف : 98 ] . وقرأ عاصم : « دكّاً » ها هنا منوَّنة مقصورة ، وفي [ الكهف : 98 ] : « دكاء » ممدودة غير منونة . وقرأ حمزة ، والكسائي : « دكاء » ممدودة غير منونة في الموضعين . قال أبو عبيدة : { جعله دكّاً } أي : مندكّاً ، والدَّك : المستوي ؛ والمعنى : مستوياً مع وجه الأرض ، يقال : ناقة دكَّاء ، أي : ذاهبة السنام مستوٍ ظهرها . قال ابن قتيبة : كأن سنامها دُكَّ ، أي : التصق ، قال : ويقال : إن أصل دككتُ : دققت ، فأبدلت القاف كافاً لتقارب المخرجين . وقال أنس بن مالك في قوله : « جعله دكاً » : ساخ الجبل . قال ابن عباس : واسم الجبل : زبير ، وهو أعظم جبل بمدين ، وإن الجبال تطاولت ليتجلَّى لها ، وتواضع زبير فتجلى له . قوله تعالى : { وخرَّ موسى صعقاً } فيه قولان . أحدهما : مغشياً عليه ، قاله ابن عباس ، والحسن ، وابن زيد . والثاني : ميتاً ، قاله قتادة ، ومقاتل . والأول أصح ، لقوله : { فلما أفاق } وذلك لا يقال للميت . وقيل : بقي في غشيته يوماً وليلة . قوله تعالى : { سبحانك تبت إليك } فيما تاب منه ثلاثة أقوال . أحدها : سؤاله الرؤية ، قاله ابن عباس ، ومجاهد . والثاني : من الإقدام على المسألة قبل الإذن فيها . والثالث : اعتقاد جواز رؤيته في الدنيا . وفي قوله : { وأنا أول المؤمنين } قولان . أحدهما : أنك لن تُرى في الدنيا ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : أول المؤمنين من بني إسرائيل ، رواه عكرمة عن ابن عباس . قوله تعالى : { إني اصطفيتك } فتح ياء « إني » ابن كثير ، وأبو عمرو . وقرأ ابن كثير ، ونافع : « برسالتي » . قال الزجاج : المعنى : اتخذتك صفوة على الناس برسالاتي وبكلامي ، ولو كان إنما سمع كلام غير الله لما قال : « برسالاتي وبكلامي » لأن الملائكة تنزل إلى الأنبياء بكلام الله .