Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 172-172)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وإذ أخذ ربك من بني آدم } روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان " ونعمان قريب من عرفة ذكره ابن قتيبة ، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها ، فنثرهم بين يديه كالذَّر ، ثم كلَّمهم قِبَلاً وقال : { ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنَّا كُنَّا عن هذا غافلين } ومعنى الآية : وإذا أخذ ربكم من ظهور بني آدم . فقوله : { من ظهورهم } بدل من { بني آدم } . وقيل : إنما قال : { من ظهورهم } ولم يقل من ظهر آدم ، لأنه أخرج بعضهم من ظهور بعض ، فاستغنى عن ذكر ظهر آدم لأنه قد علم أنهم بنوه ، وقد أُخرجوا من ظهره . وقوله تعالى : { ذُرِّيَّاتهم } قرأ ابن كثير ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي : « ذُرِّيَّتَهُم » على التوحيد . وقرأ نافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر : « ذُرِّيَّاتهِم » على الجمع . قال أبو علي : الذُّرِّية تكون جمعاً ، وتكون واحداً . وفي قوله : { وأشهدهم على أنفسهم } ثلاثة أقوال . أحدها : أشهدهم على أنفسهم باقرارهم ، قاله مقاتل . والثاني : دلَّهم بخلقه على توحيده ، قاله الزجاج . والثالث : أنه أشهد بعضهم على بعض باقرارهم بذلك ، قاله ابن جرير . قوله تعالى : { ألست بربكم } والمعنى : وقال لهم : ألست بربكم ؟ وهذا سؤال تقرير . قالوا : بلى شهدنا أنك ربنا . قال السدي : قوله : { شهدنا } خبر من الله تعالى عن نفسه وملائكته . أنهم شهدوا على إقرار بني آدم . ويحسن الوقف على قوله « بلى » لأن كلام الذرية قد انقطع . وزعم الكلبي ان الذرية لما قالت « بلى » قال الله للملائكة : { اشهدوا } فقالوا : { شهدنا } . وروى أبو العالية عن أُبَيِّ بن كعب قال : جمعهم جميعاً ، فجعلهم أزواجاً ، ثم صوَّرهم ، ثم استنطقهم ، ثم قال : { ألست بربكم قالوا بلى شهدنا } أنك آلهنا . قال : فاني أُشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع ، وأشهد عليكم أباكم آدم { أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين } لم نعلم بهذا . وقال السدي : أجابته طائفة طائعين ، وطائفة كارهين تقيةً . قوله تعالى : { ان يقولوا } قرأ أبو عمرو « أن يقولوا » ، « أو يقولوا » بالياء فيهما . وقرأ الباقون بالتاء فيهما . قال أبو علي : حجة أبي عمرو قوله : { وإذ أخذ ربك } وقوله : { قالوا بلى } ، وحجة من قرأ بالتاء أنه قد جرى في الكلام خطاب { ألست بربكم قالوا بلى شهدنا } . ومعنى قوله : { يقولوا } لئلا يقولوا ، مثله : { أن تميد بكم } [ لقمان : 10 ] . وفي قوله : { إنا كنا } قولان . أحدهما : أنه إشارة إلى الميثاق والإقرار . والثاني : أنه إشارة إلى معرفة أنه الخالق . قال المفسرون : وهذه الآية تذكير من الله تعالى بما أخذ على جميع المكلَّفين من الميثاق ، واحتجاج عليهم لئلا يقول الكفار : إنا كنا على هذا الميثاق غافلين لم نذكره ، ونسيانهم لا يُسقط الاحتجاج بعد أن أخبر الله تعالى بذلك على لسان النبي صلى الله عليه وسلم الصادق . وإذا ثبت هذا بقول الصادق ، قام في النفوس مقام الذِّكر ، فالاحتجاج به قائم .