Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 40-40)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إن الذين كذبوا بآياتنا } أي : بحججنا وأعلامنا التي تدل على توحيد الله ونبوَّة الأنبياء ، وتكبَّروا عن الإيمان بها { لا تُفَتَّح لهم أبواب السماء } . قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وابن عامر : « تُفتَّح » ؛ بالتاء ، وشددوا التاء الثانية . وقرأ أبو عمرو « لا تُفْتَح » بالتاء خفيفة ، ساكنة الفاء . وقرأ حمزة ، والكسائي : « لا يُفْتَح » بالياء مضمومة خفيفة . وقرأ اليزيدي عن اختياره : « لا تَفتح » بتاء مفتوحة { أبوابَ السماء } بنصب الباء ، فكأنه أشار إلى أفعالهم . وقرأ الحسن : بياء مفتوحة ، مع نصب الأبواب ، كأنه يشير إلى الله عز وجل . وفي معنى الكلام أربعة أقوال . أحدها : لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء ، رواه الضحاك عن ابن عباس ، وهو قول أبي موسى الأشعري ، والسدي في آخرين ، والأحاديث تشهد به . والثاني : لا تفتح لأعمالهم ، رواه العوفي عن ابن عباس . والثالث : لا تفتح لأعمالهم ولا لدعائهم ، رواه عطاء عن ابن عباس . والرابع : لا تفتح لأرواحهم ولا لأعمالهم ، قاله ابن جريج ، ومقاتل . وفي السماء قولان . أحدهما : أنها السماء المعروفة ، وهو المشهور . والثاني : أن لمعنى : لا تفتح لهم أبواب الجنة ولا يدخلونها ، لأن الجنة في السماء ، ذكره الزجاج . قوله تعالى : { حتى يلج الجمل في سَمِّ الخياط } الجمل : هو الحيوان المعروف . فان قال قائل : كيف خص الجمل دون سائر الدواب ، وفيها ما هو أعظم منه ؟ فعنه جوابان . أحدهما : أن ضرب المثل بالجمل يحصّل المقصود ؛ والمقصود أنهم لا يدخلون الجنة ، كما لا يدخل الجمل في ثقَب الإبرة ، ولو ذكر أكبر منه أو أصغر منه ، جاز ، والناس يقولون : فلان لا يساوي درهماً ، وهذا لا يغني عنك فتيلاً ، وإن كنا نجد أقل من الدرهم والفتيل . والثاني : أن الجمل أكبر شأناً عند العرب من سائر الدواب ، فانهم يقدِّمونه في القوِّة على غيره ، لأنه يوقَر بحمله فينهض به دون غيره من الدواب ، ولهذا عجَّبهم من خلق الإبل ، فقال : { أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت } [ الغاشية : 17 ] فآثر الله ذكره على غيره لهذا المعنى . ذكر الجوابين ابن الانباري . قال : وقد روى شهر بن حوشب عن ابن عباس أنه قرأ : « حتى يلج الجُمَّلُ » بضم الجيم وتشديد الميم ، وقال : هو القَلْس الغليظ . قال المصنف : وهي قراءة أبي رزين ، ومجاهد ، وابن محيصن ، وأبي مجلز ، وابن يعمر ، وأبان عن عاصم . قال : وروى مجاهد عن ابن عباس : « حتى يلج الجُمَلُ » بضم الجيم وفتح الميم وتخفيفها . قلت : وهي قراءة قتادة ، وقد رويت عن سعيد بن جبير ، وأنه قرأ : « حتى يلج الجُمْل » بضم الجيم وتسكين الميم . قلت : وهي قراءة عكرمة . قال ابن الأنباري : فالجُمَل يحتمل أمرين : يجوز أن يكون بمعنى الجُمَّلُ ، ويجوز أن يكون بمعنى جملة من الجِمال ، قيل في جمعها : جُمَلٌ ، كما قال : حُجْرة ، وحُجَر ، وظُلْمة وظُلَم . وكذلك من قرأ : « الجُمْلَ » يسوغ له أن يقول : الجُمْلُ ، بمعنى الجُمَّل ، وأن يقول : الجُمْل جمع جُمْلة ، مثل : بُسْرة وبُسْر . وأصحاب هذه القراءات يقولون : الحبل والحبال ، أشبه بالإبرة والخيوط من الجمال ، وروى عطاء بن يسار عن ابن عباس أنه قرأ : « الجُمْل » بضم الجيم والميم ، وبالتخفيف ، وهي قراءة الضحاك ، والجحدري . وقرأ أبو المتوكل ، وأبو الجوزاء : « الجَمْل » بفتح الجيم ، وبسكون الميم خفيفة . قوله تعالى : { في سَمِّ الخياط } السم : في اللغة : الثَّقب . وفيها ثلاث لغات . فتح السين ، وبها قرأ الأكثرون ، وضمها ، وبه قرأ ابن مسعود ، وأبو رزين ، وقتادة ، وابن محيصن ، وطلحة بن مصرف ، وكسرها ، وبه قرأ أبو عمران الجوني ، وأبو نهيك ، والأصمعي عن نافع . قال ابن القاسم : والخياط : المِخْيَط ، بمنزلة اللحاف والملحف ، والقِرام والمقرم . وقد قرأ ابن مسعود ، وأبو رزين ، وأبو مجلز : في « سم المِخْيَطِ » وقال الزجاج : الخياط : الإبرة ، وسَمُّها : ثقبها . والمعنى : أنهم لا يدخلون الجنة أبداً . قال ابن قتيبة : هذا كما يقال : لا يكون ذلك حتى يشيب الغراب ، ويبيضّ القار . قوله تعالى : { وكذلك نجزي المجرمين } أي : مثل ذلك نجزي الكافرين أنهم لا يدخلون الجنة .