Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 43-43)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ } فيمن عني بهذه الآية أربعة أقوال . أحدها : أهل بدر . روى الحسن عن علي رضي الله عنه أنه قال : فينا والله أهل بدر نزلت : { ونزعنا ما في صدورهم من غل } . وروى عمرو بن الشريد عن عليٍّ أنه قال : إني لأرجو أن أكون أنا ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، من الذين قال الله : { ونزعنا ما في صدورهم من غل } . والثاني : أنهم أهل الأحقاد من أهل الجاهلية حين أسلموا . روى كثير النَّوَّاء عن أبي جعفر قال : نزلت هذه الآية في علي ، وأبي بكر ، وعمر ، قلت لأبي جعفر : فأي غل هو ؟ قال : غل الجاهلية ، كان بين بني هاشم وبني تيم وبني عدي في الجاهلية شيء ، فلما أسلم هؤلاء ، تحابوا ، فأخذتْ أبا بكر الخاصرةُ ، فجعل عليٌّ يسخِّن يده ويكمِّد بها خاصرة أبي بكر ، فنزلت هذه الآية . والثالث : أنهم عشرة من الصحابة : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وسعيد بن زيد ، وعبد الله بن مسعود ، قاله أبو صالح . والرابع : أنها في صفة أهل الجنة إذا دخلوها . روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه تعالى وسلم أنه قال : " يخلُصُ المؤمنون من النار ، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار ، حتى إذا هُذِّبوا ونُقّوا أذن لهم في دخول الجنة ، فوالذي نفسي بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا " وقال ابن عباس : أول ما يدخل أهلُ الجنةِ الجنةَ ، تعرض لهم عينان فيشربون من إحدى العينين ، فيُذهب الله ما في قلوبهم من غلٍّ وغيره مما كان في الدنيا ، ثم يدخلون إلى العين الأخرى ، فيغتسلون منها فتُشرق ألوانهم ، وتصفو وجوههم ، وتجري عليهم نضرة النعيم . فأما النزع : فهو قلع الشيء من مكانه . والغل : الحقد الكامن في الصدر . وقال ابن قتيبة : الغل : الحسد والعداوة . قوله تعالى : { الحمد لله الذي هدانا لهذا } قال الزجاج : معناه : هدانا لِما صيّرنا إلى هذا . قال ابن عباس : يعنون ما وصلوا إليه من رضوان الله وكرامته . وروى عاصم بن ضمرة عن علي كرم الله وجهه قال : تستقبلهم الولدان كأنهم لؤلؤ منثور ، فيطوفون بهم كاطافتهم بالحميم جاء من الغيبة ، ويبشرونهم بما أعدَّ الله لهم ، ويذهبون إلى أزواجهم فيبشِّرونهنَّ ، فيستخفهنَّ الفرح ، فيقمن على أُسْكُفَّةِ الباب ، فيقلن : أنت رأيته ، أنت رأيته ؟ قال : فيجيء إلى منزله فينظر في أساسه ، فاذا صخر من لؤلؤ ، ثم يرفع بصره ، فلولا أن الله ذلـَّله لذهب بصره ، ثم ينظر أسفل من ذلك ، فاذا هو بالسُّرر الموضونة ، والفرش المرفوعة ، والزرابي المبثوثة ، فعند ذلك قالوا : { الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله } كلهم قرأ « وما كنَّا » باثبات الواو ، غير ابن عامر ، فانه قرأ : « ما كنا لنهتديَ » بغير واو ، وكذلك هي في مصاحف أهل الشام . قال أبو علي : وجه الاستغناء عن الواو ، أن القصة ملتبسة بما قبلها ، فأغنى التباسها به عن حرف العطف ، ومثله : { رابعهم كلبهم } [ الكهف : 22 ] . قوله تعالى : { لقد جاءت رسل ربنا بالحق } هذا قول أهل الجنة حين رأوا ما وعدهم الرسل عيانا . { ونودوا أن تلك الجنة } قال الزجاج : إنما قال « تلكم » لأنهم وعدوا بها في الدنيا ، فكأنه قيل لهم : هذه تلكم التي وُعدتم بها . وجائز أن يكون هذا قيل لهم حين عاينوها قبل دخولهم إليها . قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وابن عامر : { أورثْتُموها } غير مدغمة . وقرأ أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي : { أورتمُّوها } مدغمة ، وكذلك قرؤوا في [ الزخرف : 72 ] قال أبو علي : من ترك الادغام ، فلتباين مخرج الحرفين ، ومن أدغم ، فلأن التاء والثاء مهموستان متقاربتان ، وفي معنى { أورثتموها } أربعة أقوال . أحدها : ما روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أحد إلا وله منزل في الجنةومنزل في النار ، فأما الكافر فانه يرث المؤمنَ منزله من النار ، والمؤمن يرث الكافر منزله من الجنة " فذلك قوله : { أورثتموها بما كنتم تعملون } وقال بعضهم لما سمي الكفار أمواتاً بقوله : { أمواتٌ غير أحياء } [ النحل : 21 ] . وسمى المؤمنين أحياءً بقوله : { لتنذر من كان حياً } [ يس : 70 ] أورث الأحياء الموتى . والثاني : أنهم أورثوها عن الأعمال ، لأنها جُعلت جزاءً لأعمالهم ، وثواباً عليها ، إذ هي عواقبها ، حكاه أبو سليمان الدمشقي . والثالث : أن دخول الجنة برحمة الله ، واقتسامَ الدرجات بالأعمال ، فلما كان يفسَّر نيلها لا عن عوض ، سميت ميراثاً . والميراث : ما أخذته عن غير عوض . والرابع : أن معنى الميراث هاهنا : أن أمرهم يؤول إليها كما يؤول الميراث إلى الوارث .