Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 57-57)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وهو الذي يرسل الرياح } قرأ أبو عمرو ، ونافع ، وابن عامر ، وعاصم : { الرياح } على الجمع . وقرأ ابن كثير ، وحمزة ، والكسائي : « الريح » على التوحيد . وقد يأتي لفظ التوحيد ، ويراد به الكثرة ، كقولهم : كثر الدرهم في أيدي الناس ، ومثله : { إن الإنسان لفي خسر } [ العصر : 2 ] . قوله تعالى : { نشراً } قرأ أبو عمرو ، وابن كثير ، ونافع ، { نُشراً } بضم النون والشين ، أرادوا جمع نشور ، وهي الريح الطيبة الهبوب ، تهب من كل ناحية وجانب . قال أبو عبيدة : النُشُر : المتفرقة من كل جانب . وقال أبو علي : يحتمل أن تكون النشور بمعنى المنشر ، وبمعنى المنتشر ، وبمعنى الناشر ؛ يقال : أنشر الله الريح ، مثل أحياها ، فنشرت ، أي : حييت . والدليل على أن إنشار الربح إحياؤها قولُ الفقعسي : @ وهبَّتْ له رِيْحُ الجَنُوبِ وأُحْيِيَتْ له رَيْدَةٌ يُحيي المِيَاهَ نَسِيْمُهَا @@ ويدل على ذلك أن الريح قد وصفت بالموت . قال الشاعر : @ إنِّي لأرْجُو أَنْ تَمُوْتَ الرِّيْحُ فَأقْعُدَ اليَوْمَ وَأسْتَرِيْحُ @@ والرَّيدة والريدانة : الريح . وقرأ ابن عامر ، وعبد الوارث ، والحسن البصري : « نُشْراً » بالنون مضمومة وسكون الشين ، وهي في معنى « نُشُراً » يقال : كُتُبْ وكُتْب ، ورُسُل ورُسْل . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وخلف ، والمفضل عن عاصم : « نَشْرا » بفتح النون وسكون الشين . قال الفراء : النَّشْر : الريح الطيبة الليَّنِّة التي تنشىء السحاب . وقال ابن الانباري : النَّشْر : المنتشرة الواسعة الهبوب . وقال أبو علي : يحتمل النَّشْر أن يكون خلاف الطيِّ ، كأنها كانت بانقطاعها كالمطويَّة . ويحتمل أن يكون معناها ما قاله أبو عبيدة في النشر : أنها المتفرقة في الوجوه ؛ ويحتمل أن يكون معناها : النشر الذي هو الحياة ، كقول الشاعر : @ [ حتَّى يقولَ النَّاسُ ممَّا رَأَوْا ] يا عَجَباً لِلْمِّيتِ النَّاشِرِ @@ قال : وهذا هو الوجه . وقرأ أبو رجاء العطاردي ، وإبراهيم النخعي ، ومسروق ، ومورِّق العجلي : « نَشَراً » بفتح النون والشين . قال ابن القاسم : وفي النَّشَر وجهان . أحدهما : أن يكون جمعاً للنشور ، كما قالوا : عَمود وَعَمد ، وإهاب وأهَب . والثاني : أن يكون جمعاً ، واحده ناشر ، يجري مجرى قوله : غائب وغَيَبٌ ، وحافد وحَفَدٌ ، وكل القرَّاء نوَّن الكلمة . وكذلك اختلافهم في [ الفرقان : 48 ] و [ النمل : 63 ] . هذه قراءات من قرأ بالنون . وقد قرأ آخرون بالباء ، فقرأ عاصم إلا المفضل : « بُشْرى » بالباء المضمومة وسكون الشين مثل فُعْلى : قال ابن الانباري : وهي جمع بشيرة ، وهي التي تبشِّر بالمطر ، والأصل ضم الشين ، إلا أنهم استثقلوا الضمتين . وقرأ ابن خثيم ، وابن جذلم : مثله إلا أنهما نوَّنا الراء . وقرأ ابو الجوزاء ، وأبو عمران ، وابن أبي عبلة : بضم الباء والشين ، وهذا على أنها جمع بشيرة . والرحمة هاهنا : المطر ؛ سماه رحمة لأنه كان بالرحمة . و « أقلّتِ » بمعنى : حملت . قال الزجاج : السحاب : جمع سحابة . قال ابن فارس : سمي السحابَ لانسحابه في الهواء . قوله تعالى : { ثِقالاً } أي : الماء وقوله تعالى : { سقناه } ردَّ الكناية إلى لفظ السحاب ، ولفظه لفظُ واحدٍ . وفي قوله « لبلد » قولان . أحدهما : إلى بلد . والثاني : لإحياء بلد . والميْتُ : الذي لا يُنْبَتُ فيه ، فهو محتاج إلى المطر . وفي قوله : { فأنزلنا به } ثلاثة أقوال . أحدها : أن الكناية ترجع إلى السحاب . والثاني : إلى المطر ، ذكرهما الزجاج . والثالث : إلى البلد ، ذكره ابن الانباري . فأما هاء { فأخرجنا به } فتحتمل الأقوال الثلاثة . قوله تعالى : { كذلك نخرج الموتى } أي : كما أحيينا هذا البلد . وقال مجاهد : نحيي الموتى بالمطر كما أحيينا البلد الميْت به . قال ابن عباس : يرسل الله تعالى بين النفختين مطراً كمني الرجال ، فينبت الناس به في قبورهم كما نبتوا في بطون أُمهاتهم . قوله تعالى : { لعلكم تذكَّرون } قال الزجاج : لعل : ترجٍ . وإنما خوطب العباد على ما يرجوه بعضهم من بعض ؛ والمعنى : لعلكم بما بيَّناه لكم تستدلُّون على توحيد الله ، وأنه يبعث الموتى .