Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 8-9)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { والوزن يومئذ الحق } أي : العدل . وإنما قال : « موازينه » لأن « من » في معنى جميع ، يدل عليه قوله : { فأولئك } . وفي معنى { يظلمون } قولان . أحدهما : يجحدون . والثاني : يكفرون . قال الفراء : والمراد بموازينه : وزنه . والعرب تقول : هل لك في درهم بميزان درهمك ، ووزن درهمك ، ويقولون : داري بميزان دارك ، ووزن دارك ؛ ويريدن : حذاء دارك . قال الشاعر : @ قَدْ كنتُ قَبْلَ لقائكم ذا مِرّةٍ عندي لكلِّ مُخَاصِمٍ ميزانُه @@ يعني : مثل كلامه ولفظه . فصل والقول بالميزان مشهور في الحديث ، وظاهر القرآن ينطق به . وأنكرت المعتزلة ذلك ، وقالوا : الأعمال أعراض ، فكيف توزن ؟ فالجواب : أن الوزن يرجع إلى الصحائف ، بدليل حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله عز وجل يستخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الناس يوم القيامة ، فينشر عليه تسعة وتسعين سِجِلاً ، كُلُّ سِجِلٍّ مدُّ البصر ، ثم يقول له : أتنكر من هذا شيئا ؟ أظلمتك كتبتي الحافظون ؟ فيقول : لا يا رب . فيقول : ألك عذر أو حسنة ؟ فيبهت الرجل ، فيقول : لا يا رب ؛ فيقول : بلى ، إن لك عندنا حسنة واحدة ، لا ظُلم عليك اليوم ، فيُخرج له بطاقة فيها : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، فتوضع السجِلاَّت في كفة ، والبطاقة في كفة ، قال : فطاشت السجلات وثقلت البطاقة " أخرجه أحمد في « مسنده » ، والترمذي . وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يؤتى بالرجل الطويل الأكول الشروب ، فلا يزن جناح بعوضة " فعلى هذا يوزن الإنسان . قال ابن عباس : توزن الحسنات والسيئات في ميزان ، له لسان وكِفّتان . فأما المؤمن ، فيؤتى بعمله في أحسن صورة ، فيوضع في كفة الميزان ، فتثقل حسناته على سيئاته ، وأما الكافر ، فيؤتى بعمله في أقبح صورة ، فيوضع في كفة الميزان ، فيخف وزنه . وقال الحسن : للميزان لسان وكفتان . وجاء في الحديث : " أن داود عليه السلام سأل ربه ان يريه الميزان ، فأراه إياه ، فقال : يا إلهي ، من يقدر أن يملأ كفتيه حسنات ، فقال : يا داود إني إذا رضيت عن عبدي ملأتها بتمرة " وقال حذيفة : جبريل صاحب الميزان يوم القيامة ، فيقول له ربه : زن بينهم ، ورُدَّ من بعضهم على بعض ؛ فيرد على المظلوم من الظالم ما وجد له من حسنة . فان لم تكن له حسنة ، أخذ من سيئات المظلوم ، فرد على سيئات الظالم ، فيرجع وعليه مثل الجبال . فان قيل : أليس الله يعلم مقادير الأعمال ، فما الحكمة في وزنها ؟ فالجواب : أن فيه خمسة حكم . إِحداها : امتحان الخلق بالإِيمان بذلك في الدنيا . والثانية : إظهار علامة السعادة والشقاوة في الأخرى . والثالثة : تعريف العباد ما لهم من خير وشر . والرابعة : إقامة الحجة عليهم . والخامسة : الإعلام بأن الله عادل لا يظلم . ونظير هذا أنه أثبت الاعمال في كتاب ، واستنسخها من غير جواز النسيان عليه .