Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 1-1)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يسألونك عن الأنفال } في سبب نزولها ثلاثة أقوال . أحدها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر : " من قتل قتيلاً فله كذا وكذا ، ومن اسر أسيراً فله كذا وكذا ، " فأما المشيخة ، فثبتوا تحت الرايات ، وأما الشبان فسارعوا إلى القتل والغنائم ، فقال المشيخة للشبان : أشركونا معكم ، فانا كنا لكم ردءاً ، فأبوا ، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت سورة ( الأنفال ) رواه عكرمة عن ابن عباس . والثاني : أن سعد بن أبي وقاص أصاب سيفاً يوم بدر ، فقال : يا رسول الله ، هبه لي ، فنزلت هذه الآية ، رواه مصعب بن سعد عن أبيه . وفي رواية أخرى " عن سعد قال : قتلت سعيد بن العاص ، وأخذت سيفه ، فأتيت به رسول الله ، فقال : « اذهب فاطرحه في القَبَض » ، فرجعت ، وبي مالا يعلمه إلا الله ، فما جاوزت إلا قريبا حتى نزلت سورة ( الأنفال ) ، فقال : « اذهب فخذ سيفك » " . وقال السدي : اختصم سعد وناس آخرون في ذلك السيف ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم منهم ، فنزلت هذه الآية . والثالث : أن الأنفال كانت خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليس لأحد منها شيء ، فسالوه أن يعطَيهم منها شيئاً ، فنزلت هذه الآية ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . وفي المراد بالأنفال ستة أقوال . أحدها : أنها الغنائم ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، ومجاهد ، وعطاء ، وعكرمة ، والضحاك ، وأبو عبيدة ، والزجاج ، وابن قتيبة في آخرين . وواحد الانفال : نفل ، قال لبيد : @ إنَّ تقوى ربِّنا خيرُ نَفَلْ وباذنِ اللهِ ريْثي وعَجَلْ @@ والثاني : أنها ما نفَّله رسول الله صلى الله عليه وسلم القاتلَ من سلَبِ قتيله . والثالث : أنها ما شذ من المشركين إلى المسلمين من عَبْد أو دابة بغير قتال ، قاله عطاء . وهذا والذي قبله مرويان عن ابن عباس أيضاً . والرابع : أنه الخُمس الذي أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنائم ، قاله مجاهد . والخامس : أنه أنفال السرايا ، قاله علي بن صالح بن حيّ . وحكي عن الحسن قال : هي السرايا التي تتقدم أمام الجيوش . والسادس : أنها زيادات يُؤْثِرُ بها الإِمام بعضَ الجيش لما يراه من المصلحة ، ذكره الماوردي . وفي « عن » قولان . أحدهما : أنها زائدة ، والمعنى : يسألونك الأنفال ، وكذلك قرأ سعد بن أبي وقاص ، وابن مسعود ، وأُبيُّ بن كعب ، وأبو العالية : « يسألونك الأنفال » بحذف { عن } . والثاني : أنها أصل ، والمعنى : يسألونك عن الأنفال لمن هي ؟ أو عن حكم الأنفال ؛ وقد ذكرنا في سبب نزولها ما يتعلق بالقولين . وذُكر أنهم إنما سألوا عن حكمها لأنها كانت حراماً على الأُمم قبلهم . فصل واختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآية ، فقال بعضهم : إنها ناسخة من وجه ، منسوخة من وجه ، وذلك أن الغنائم كانت حراماً في شرائع الأنبياء المتقدمين ، فنسخ الله ذلك بهذه الآية ، وجعل الأمر في الغنائم إلى ما يراه الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم نسخ ذلك بقوله : { واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه } [ الأنفال : 41 ] . وقال آخرون : المراد بالأنفال : شيئان . أحدهما : ما يجعله الرسول صلى الله عليه وسلم لطائفة من شجعان العسكر ومتقدميه ، يستخرج به نصحهم ويحرِّضهم على القتال . والثاني : ما يفضُل من الغنائم بعد قسمتها كما روي عن ابن عمر قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سريَّة ، فغنمنا إبلاً ، فأصاب كل واحد منا اثنا عشر بعيراً ، ونفلنا بعيراً بعيراً ؛ فعلى هذا هي محكمة ، لأن هذا الحكم باقٍ إلى وقتنا هذا . فصل ويجوز النَّفَل قبل إحراز الغنيمة ، وهو أن يقول الإمام : من أصاب شيئاً فهو له ، وبه قال الجمهور . فأما بعد إحرازها ففيه عن أحمد روايتان . وهل يستحق القاتل سَلَبَ المقتول إذا لم يشرطه له الإمام ؟ فيه قولان . أحدهما : يستحقه ، وبه قال الأوزاعي ، والليث ، والشافعي . والثاني : لا يستحقه ، ويكون غنيمة للجيش ، وبه قال أبو حنيفة ، ومالك ؛ وعن أحمد روايتان كالقولين . قوله تعالى : { قل الأنفال لله والرسول } يحكمان فيها ما أرادا ، { فاتقوا الله } بترك مخالفته { وأصلحوا ذات بينكم } قال الزجاج : معنى « ذات بينكم » حقيقة وصلكم . والبين : الوصل ؛ كقوله : { لقد تقطع بينكم } [ الأنعام : 94 ] . ثم في المراد بالكلام قولان . أحدهما : أن يَرُدَّ القويُّ على الضعيف ، قاله عطاء . والثاني : ترك المنازعة تسليماً لله ورسوله . قوله تعالى : { وأطيعوا الله ورسوله } أي : اقبلوا ما أُمرتم به في الغنائم وغيرها .