Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 24-24)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { استجيبوا } أي : أجيبوا . قوله تعالى : { إذا دعاكم } يعني : الرسول { لما يحييكم } وفيه ستة أقوال . أحدها : أن الذي يحييكم كلُّ ما يدعو الرسولُ إليه ، وهو معنى قول أبي صالح عن ابن عباس . وفي أفراد البخاري " من حديث أبي سعيد بن المعلىّ قال : كنت أصلي في المسجد ، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم أجبه ، ثم أتيتُه فقلت : يا رسول الله ، إني كنت أصلي ، فقال : « ألم يقل الله : استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ؟ » قلت : بلى ، ولا أعود إن شاء الله " . والثاني : أنه الحق ، رواه شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد . والثالث : أنه الإيمان ، رواه ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، وبه قال السدي . والرابع : أنه اتِّباع القرآن ، قاله قتادة ، وابن زيد . والخامس : أنه الجهاد ، قاله ابن إسحاق . وقال ابن قتيبة : هو الجهاد الذي يحيي دينَهم ويعليهم . والسادس : أنه إحياء أمورهم ، قاله الفراء . فيخرَّج في إحيائهم خمسة أقوال . أحدها : أنه إصلاح أمورهم في الدنيا والآخرة . والثاني : بقاء الذكر الجميل لهم في الدنيا ، وحياة الأبد في الآخرة . والثالث : أنه دوام نعيمهم في الآخرة . والرابع : أنه كونهم مؤمنين ، لأن الكافر كالميِّت . والخامس : أنه يحييهم بعد موتهم ، وهو على قول من قال هو الجهاد ، لأن الشهداءَ أحياءٌ ، ولأن الجهاد يُعِزُّهم بعد ذُلِّهم ، فكأنَّهم صاروا به أحياءً . قوله تعالى : { واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه } وفيه عشرة أقوال . أحدها : يحول بين المؤمن وبين الكفر ، وبين الكافر وبين الإيمان ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال سعيد بن جبير . والثاني : يحول بين المؤمن وبين معصيته ، وبين الكافر وبين طاعته ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال الضحاك ، والفراء . والثالث : يحول بين المرء وقلبه حتى لا يتركه يعقل ، قاله مجاهد . قال ابن الأنباري : المعنى : يحول بين المرء وعقله ، فبادروا الأعمال ، فانكم لا تأمنون زوال العقول ، فتحصُلون على ما قدمتم . والرابع : أن المعنى : هو قريب من المرء ، لا يخفى عليه شيء من سرِّه ، كقوله : { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } [ ق : 16 ] وهذا معنى قول قتادة . والخامس : يحول بين المرء وقلبه ، فلا يستطيع إيماناً ولا كفراً إلا بإذنه ، قاله السدي . والسادس : يحول بين المرء وبين هواه ، ذكره ابن قتيبة . والسابع : يحول بين المرء وبين ما يتمنَّى بقلبه من طول العمر والنَّصر وغيره . والثامن : يحول بين المرء وقلبه بالموت ، فبادروا الأعمال قبل وقوعه . والتاسع : يحول بين المرء وقلبه بعلمه ، فلا يضمر العبد شيئاً في نفسه إلا والله عالم به ، لا يقدر على تغييبه عنه . والعاشر : يحول بين ما يوقعه في قلبه من خوف أو أمن ، فيأمن بعد خوفه ، ويخاف بعد أمنه ، ذكر معنى هذه الأقوال ابن الأنباري . وحكى الزجاج : أنهم لما فكَّروا في كثرة عدوِّهم وقلة عددهم ، فدخل الخوف قلوبهم ، أعلمهم الله تعالى أنه يحول بين المرء وقلبه بأن يبدله بالخوفِ الأمنَ ، ويبدل عدوَّهُ بالقوَّةِ الضعفَ ، وقد أعلمتْ هذه الآية أن الله تعالى هو المقلِّب للقلوب ، المتصرِّف فيها . قوله تعالى : { وأنه إليه تحشرون } أي : للجزاء على أعمالكم .