Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 27-27)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لا تخونوا الله والرسول } اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال . أحدها : أنها نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر ، وذاك " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حاصر قريظة سألوه أن يصالحهم على ما صالح عليه بني النضير ، على أن يسيروا إلى أرض الشام ، فأبى أن يعطيَهم ذلك إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فأبَوا ، وقالوا : أرسل إلينا أبا لبابة ، وكان مناصحاً لهم ، لأن ولده وأهله كانوا عندهم ، فبعثه إليهم ، فقالوا : ما ترى ، أننزل على حكم سعد بن معاذ ؟ فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه : إنه الذبح فلا تفعلوا ، فأطاعوه ، فكانت تلك خيانته ؛ قال أبو لبابة : فما زالت قدمايَ حتى عَرفتُ أني قد خنت الله ورسوله ، ونزلت هذه الآية ، هذا قول ابن عباس ، والأكثرين . وروي أن أبا لبابة ربط نفسه بعد نزول هذه الآية إلى سارية من سواري المسجد ، وقال : والله لا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى أموتَ أو يتوب الله عليَّ ، فمكث سبعة أيام كذلك ، ثم تاب الله عليه ، فقال : والله لا أَحُلُّ نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يَحُلنُّي ، فجاء فحلَّه بيده ، فقال أبو لبابة : إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب ، وأن أنخلع من مالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يجزئك الثلث » " . والثاني : " أن جبريل أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أبا سفيان في مكان كذا وكذا ، فقال النبي الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : « اخرجوا إليه واكتموا » فكتب إليه رجل من المنافقين : إن محمداً يريدكم ، فخذوا حذركم ، فنزلت هذه الآية " ، قاله جابر بن عبد الله . والثالث : أنها نزلت في قتل عثمان بن عفان ، قاله المغيرة بن شعبة . والرابع : أن قوماً كانوا يسمعون الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيفشونه حتى يبلغ المشركين ، فنزلت هذه الآية ، قاله السدي . وفي خيانة اللهِ قولان . أحدهما : ترك فرائضه . والثاني : معصية رسوله . وفي خيانة الرسول قولان . أحدهما : مخالفته في السرِّ بعد طاعته في الظاهر . والثاني : ترك سنّته . وفي المراد بالأمانات ثلاثة أقوال . أحدها : أنها الفرائض ، قاله ابن عباس . وفي خيانتها قولان . أحدهما : تنقيصها . والثاني : تركها . والثاني : أنها الدِّين ، قاله ابن زيد . فيكون المعنى : لا تُظهروا الإيمان وتُبطنوا الكفر . والثالث : أنها عامة في خيانة كلِّ مُؤتَمَنٍ ، ويؤكِّده نزولها في ما جرى لأبي لبابة .