Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 30-30)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وإذ يمكر بك الذين كفروا } هذه الآية متعلقة بقوله : { وذكروا إذ كنتم قليلاً } [ الأعراف : 86 ] فالمعنى : أَذْكِرِ المؤمنين ما مَنَّ الله به عليهم ، واذكر إذ يمكر بك الذين كفروا . الإشارة إلى كيفية مكرهم قال أهل التفسير : لما بويع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة ، وأمر أصحابه أن يلحقوا بالمدينة ، أشفقت قريش أن يعلوَ أمره ، وقالوا : والله لكأنكم به قد كرَّ عليكم بالرجال ، فاجتمع جماعة من أشرافهم ليدخلوا دار الندوة فيتشاوروا في أمره ، فاعترضهم إبليس في صورة شيخ كبير ، فقالوا : من أنت ؟ قال : أنا شيخ من أهل نجد ، سمعت ما اجتمعتم له ، فأردت أن أحضركم ، ولن تعدموا من رأيي نصحاً ، فقالوا : ادخل ، فدخل معهم ، فقالوا : انظروا في أمر هذا الرجل ، فقال بعضهم : احبسوه في وَثاق ، وتربَّصوا به ريب المنون . فقال إبليس : ما هذا برأي ، يوشك أن يثب أصحابه فيأخذوه من أيديكم . فقال قائل : أخرجوه من بين أظهركم . فقال : ما هذا برأي ، يوشك أن يجمع عليكم ثم يسير إليكم . فقال أبو جهل : نأخذ من كل قبيلة غلاماً ، ثم نعطي كل غلام سيفاً فيضربوه به ضربة رجل واحد ، فيفرَّق دمه في القبائل ، فما أظن هذا الحي من قريش يقوى على ضرب قريش كلِّها ، فيقبلون العَقل ونستريح . فقال إبليس : هذا والله الرأي ، فتفرَّقوا عن ذلك . وأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن لا يبيت في مضجعه ، وأخبره بمكر القوم ، فلم يبت في مضجعه تلك الليلة ، وأمر علياً فبات في مكانه ، وبات المشركون يحرسونه ، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أذن له الله في الخروج إلى المدينة ، وجاء المشركون لَّما أصبحوا ، فرأوا علياً ، فقالوا : أين صاحبك ؟ قال : لا أدري ، فاقتصُّوا أثره حتى بلغوا الجبل ، فمروا بالغار ، فرأوا نسج العنكبوت ، فقالوا : لو دخله لم يكن عليه نسج العنكبوت . فأما قوله : { ليثبتوك } فقال ابن قتيبة : معناه : ليحبسوك . يقال فلان مثبت وجعاً : إذا لم يقدر على الحركة . وللمفسرين فيه قولان . أحدهما : ليثبتوك في الوَثاق ، قاله ابن عباس ، والحسن في آخرين . والثاني : ليثبتوك في الحبس ، قاله عطاء ، والسدي في آخرين . وكان القومُ أرادوا أن يحبسوه في بيت ويشدوا عليه بابه ويلقوا إليه الطعام والشراب ، وقد سبق بيان المكر في [ آل عمران : 54 ] .