Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 41-41)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { واعلموا أنما غنمتم من شيء } اختلفوا ، هل الغنيمة والفيء بمعنى واحد ، أم يختلفان ؟ على قولين . أحدهما : أنهما يختلفان . ثم في ذلك قولان . أحدهما : أن الغنيمة : ما ظُهر عليه من أموال المشركين ، والفيء ، ما ظُهر عليه من الأرضين ، قاله عطاء بن السائب . والثاني : أن الغنيمة : ما أُخذ عنوةً ، والفيء : ما أُخذ عن صلح ، قاله سفيان الثوري . وقيل : بل الفيء : ما لم يوجَفْ عليه بخيل ولا ركاب ، كالعشور ، والجزية ، وأموال المهادنة ، والصلح ، وما هربوا عنه . والثاني : أنهما واحد ، وهما : كل ما نيل من المشركين ، ذكره الماوردي . وقال الزجاج : الأموال : ثلاثة أصناف ؛ فما صار إلى المسلمين من المشركين في حال الحرب ، فقد سماه الله تعالى : أنفالاً وغنائم ، وما صار من المشركين من خراج أو جزية مما لم يؤخذ في الحرب ، فقد سماه : فيئاً ؛ وما خرج من أموال المسلمين كالزكاة ، والنذر والقرب سماه : صدقة . وأما قوله : { من شيء } فالمراد به : كل ما وقع عليه اسم شيء . قال مجاهد : المِخْيَط من الشيء . قوله تعالى : { فَأَنَّ لله خُمُسَهُ } وروى عبد الوارث : « خُمْسَهُ » بسكون الميم . وفي المراد بالكلام قولان . أحدهما : أن نصيب الله مستَحَقٌ يُصرف إلى بيته . قال أبو العالية : كان يجاء بالغنيمة فيقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على خمسة أسهم ، فيقسم أربعة بين الناس ، ثم يجعل من السهم الخامس للكعبة ؛ وهذا مما انفرد به أبو العالية فيما يقال . والثاني : أن ذِكر الله هاهنا لأحد وجهين . أحدهما : لأنه المتحكِّم فيه ، والمالك له ، والمعنى : فان للرسول خمسة ولذي القربى ، كقوله : { يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول } [ الأنفال : 1 ] . والثاني : أن يكون المعنى : إن الخمس مصروف في وجوه القُرَب إلى الله تعالى ، وهذ قول الجمهور . فعلى هذا ، تكون الواو زائدة ، كقوله : { فلما أسلما وتلَّه للجبين وناديناه } [ الصافات : 103 ] المعنى : ناديناه ، ومثله كثير . فصل أجمع العلماء على أن أربعة أخماس الغنيمة لأهل الحرب خاصة ، فأما الخمس الخامس ، فكيف يقسم ؟ فيه ثلاثة أقوال : أحدها : يقسم منه لله وللرسول ولمن ذكر في الآية . وقد ذكرنا أن هذا مما انفرد به أبو العالية ، وهو يقتضي أن يقسم على ستة أسهم . والثاني : أنه مقسوم على خمسة أسهم : سهم للرسول ، وسهم لذوي القربى ، وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لأبناء السبيل ، على ظاهر الآية ، وبه قال الجمهور . والثالث : أنه يقسم على أربعة أسهم . فسهم الله عز وجل وسهم رسوله عائد على ذوي القربى ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يأخذ منه شيئاً ، وهذا المعنى رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . فصل فأما سهم الرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانه كان يصنع فيه ما بيَّنَّا . وهل سقط بموته ، أم لا ؟ فيه قولان . أحدهما : لم يسقط بموته ، وبه قال أحمد ، والشافعي في آخرين . وفيما يُصنَع به قولان . أحدهما : أنه للخليفة بعده ، قاله قتادة . والثاني : أنه يُصْرَفُ في المصالح ، وبه قال أحمد ، والشافعي . والثاني : أنه يسقط بموته كما يسقط الصفيُّ ، فيرجع إلى جملة الغنيمة ، وبه قال أبو حنيفة . وأما ذوو القربى ، ففيهم ثلاثة أقوال . أحدها : أنهم جميع قريش . قال ابن عباس : كنا نقول : نحن هم ؛ فأبى علينا قومنا ، وقالوا : قريش كلها ذوو قربى . والثاني : بنو هاشم ، وبنو المطلب ، وبه قال أحمد ، والشافعي . والثالث : أنهم بنو هاشم فقط ، قاله أبو حنفية . وبماذا يستحقون ؟ فيه قولان . أحدهما : بالقرابة ، وإن كانوا أغنياء ، وبه قال أحمد ، والشافعي . والثاني : بالفقر ، لا بالاسم ، وبه قال أبو حنيفة . وقد سبق في [ البقرة : 177 ] معنى اليتامى والمساكين ، وابن السبيل . وينبغي أن تُعتبر في اليتيم أربعة أوصاف : موت الأب ، وإن كانت الأم باقية ، والصِّغَر لقوله عليه السلام : " لا يُتْمَ بعد حُلُم " والإِسلام ، لأنه مال للمسلمين . والحاجة ، لأنه مُعَدٌّ للمصالح . قوله تعالى : { وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان } هو يوم بدر ، فُرق فيه بين الحق والباطل بنصر المؤمنين . والذي أُنزل عليه يومئذ قوله : { يسألونك عن الأنفال } [ الأنفال : 1 ] نزلت حين اختلفوا فيها ، فالمعنى : إن كنتم آمنتم بذلك ، فاصدروا عن أمر الرسول في هذا أيضاً .