Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 5-6)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { كما أخرجك ربك } في متعلَّق هذه الكاف خمسة أقوال . أحدها : أنها متعلقة بالأنفال . ثم في معنى الكلام ثلاثة أقوال . أحدها : أن تأويله : امض لأمر الله في الغنائم وإن كرهوا ، كما مضيت في خروجك من بيتك وهم كارهون ، قاله الفراء . والثاني : أن الانفال لله والرسول صلى الله عليه وسلم بالحق الواجب ، كما أخرجك ربك بالحق ، وإن كرهوا ذلك ، قاله الزجاج . والثالث : أن المعنى : يسألوك عن الأنفال مجادلة ، كما جادلوك في خروجك ، حكاه جماعة من المفسرين . والثاني : أنها متعلقة بقوله : { فاتقوا الله وأصلحوا } ، والمعنى : إن التقوى والاصلاح خير لكم ، كما كان إخراج الله نبيه محمداً خيراً لكم وإن كرهه بعضكم ، هذا قول عكرمة . والثالث : أنها متعلقة بقوله : { يجادلونك } فالمعنى : مجادلتهم إياك في الغنائم كاخراج الله إياك إلى بدر وهم كارهون ، قاله الكسائي . والرابع : أنها متعلقة بقوله : { أولئك هم المؤمنون } والمعنى : وهم المؤمنون حقاً كما أخرجك ربك من بيتك بالحق ، ذكره بعض ناقلي التفسير . والخامس : أن { كما } في موضع قَسَم ، معناها : والذي أخرجك من بيتك ، قاله أبو عبيدة ، واحتج بأن { ما } في موضع « الذي » ومنه قوله : { وما خلقَ الذكرَ والأنثى } [ الليل : 3 ] قال ابن الأنباري : وفي هذا القول بُعْد ، لأن الكاف ليست من حروف الاقسام . وفي هذا الخروج قولان . أحدهما : أنه خروجه إلى بدر ، وكره ذلك طائفة من أصحابه ، لأنهم علموا أنهم لا يظفرون بالغنيمة إلا بالقتال . والثاني : أنه خروجه من مكة إلى المدينة للهجرة . وفي معنى قوله : { بالحق } قولان . أحدهما : أنك خرجت ومعك الحق . والثاني : أنك خرجت بالحق الذي وجب عليك . وفي قوله : { وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون } قولان . أحدهما : كارهون خروجك . والثاني : كارهون صرف الغنيمة عنهم ، وهذه كراهة الطبع لمشقة السفر والقتال ، وليست كراهةً لأمر الله تعالى . قوله تعالى : { يجادلونك في الحق } يعني : في القتال يوم بدر ، لأنهم خرجوا بغير عُدَّة ، فقالوا : هلاَّ أخبرتنا بالقتال لنأخذ العُدَّة ، فجادلوه طلبا للرخصة في ترك القتال . وفي قوله { بعد ما تبين } ثلاثة أقوال . أحدها : تبيَّن لهم فرضُه . والثاني : تبيَّن لهم صوابه . والثالث : تبيَّن لهم أنك لا تفعل إلا ما أُمِرتَ به ، وفي « المجادلين » قولان . أحدهما : أنهم طائفة من المسلمين ، قاله ابن عباس ، والجمهور . والثاني : أنهم المشركون ، قاله ابن زيد . فعلى هذا ، يكون جدالهم في الحق الذي هو التوحيد ، لا في القتال . فعلى الأول ، يكون معنى قوله : { كأنما يساقون إلى الموت } أي : في لقاء العدو { وهم ينظرون } ، لأن أشد حال من يساق إلى الموت أن يكون ناظراً إليه ، وعالماً به . وعلى قول ابن زيد : كأنما يساقون إلى الموت حين يُدعَوْن إلى الإسلام لكراهتهم إياه .