Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 9-10)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إذ تستغيثون ربكم } سبب نزولها ما روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لما كان يوم بدر ، نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيِّف ، ونظر إلى المشركين وهم ألف وزيادة ، فاستقبل القبلة ، ثم مدَّ يديه وعليه رداؤه وإزاره ، ثم قال : " اللهم أنجز ما وعدتني ، اللهم أنجز ما وعدتني ، اللهم إنك إن تُهْلِكْ هذه العصابة لا تُعبَدْ في الأرض أبداً " فما زال يستغيث ربه ويدعوه ، حتى سقط رداؤه ، فأتاه أبو بكر الصديق فأخذ رداءه فردّاه به ، ثم التزمه من ورائه ، وقال : يا نبي الله كذاك مناشدتك ربك ، فانه سينجز لك ما وعدك ؛ وأنزل الله تعالى هذه الآية . قوله تعالى : { إذ } قال ابن جرير : هي من صلة « يبطل » . وفي قوله : { تستغيثون } قولان . أحدهما : تستنصرون . والثاني : تستجيرون . والفرق بينهما أن المستنصر يطلب الظفر ، والمستجير يطلب الخلاص . وفي المستغيثين قولان . أحدهما : أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ، قاله الزهري . والثاني : أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاله السدي . فأما الإمداد فقد سبق في [ آل عمران : 124 ] . وقوله : { بألف } قرأ الضحاك ، وأبو رجاء : « بآلاف » بهمزة ممدودة وبألف على الجمع . وقرأ أبو العالية ، وأبو المتوكل : « بألوف » برفع الهمزة واللام وبواو بعدها على الجمع . وقرأ ابن حَذْلَم ، والجحدري ، « بأُلُفٍ » بضم الألف واللام من غير واو ولا ألف ، وقرأ أبو الجوزاء ، وأبو عمران : « بِيَلْفٍ » بياء مفتوحة وسكون اللام من غير واو ولا ألف ، فأما قوله : { مردِفين } فقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي : « مردِفين » بكسر الدال . قال ابن عباس ، وقتادة ، والضحاك ، وابن زيد ، والفراء : هم المتتابعون . وقال أبو علي : يحتمل وجهين . أحدهما : أن يكونوا مردفين مثلهم ، تقول : أردفت زيداً دابتي ؛ فيكون المفعول الثاني محذوفاً في الآية . والثاني : أن يكونوا جاؤوا بعدهم ؛ تقول العرب : بنو فلان مردوفونا ، أي : هم يجيؤون بعدنا . قال أبو عبيدة : مردِفين : جاؤوا بعدُ . وقرأ نافع ، وأبو بكر عن عاصم : « مردَفين » بفتح الدال . قال الفراء : أراد : فُعِلَ ذلك بهم ، أي : إن الله أردف المسلمين بهم . وقرأ معاذ القارىء ، وأبو المتوكل الناجي ، وأبو مجلز : « مُرَدَّفين » بفتح الراء والدال مع التشديد . وقرأ أبو الجوزاء ، وأبو عمران « مُردِفين » برفع الراء وكسر الدال . وقال الزجاج : يقال : ردفت الرجلَ : إذا ركبتُ خلفه ، وأردفتُه : إذا أركبتُه خلفي . ويقال : هذه دابة لا تُرادِف . ولا يقال : لا تُردِف . ويقال : أردفتُ الرجلَ : إذا جئتَ بعده . فمعنى « مردفين » يأتون فرقة بعد فرقة . ويجوز في اللغة مُرَدِّفين ومُرُدِّفين ومُرِدِّفين ، فالدال مكسورة مشددة على كل حال ، والراء يجوز فيها الفتح والضم والكسر . قال سيبويه : الأصل مرتدفين ، فأدغمت التاء في الدال فصارت مُرَدِّفين لأنك طرحت حركة التاء على الراء ؛ وإن شئت لم تطرح حركة التاء ، وكسرت الراء لالتقاء الساكنين . والذين ضموا الراء ، جعلوها تابعة لضمة الميم . وقد سبق في [ آل عمران ] تفسير قوله : { وما جعله الله إلا بشرى } [ آل عمران : 126 ] وكان مجاهد يقول : ما أمد الله النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من هذه الألف التي ذُكرت في [ الأنفال : 10 ] ، وما ذَكَر الثلاثة والخمسةَ إلا بشرى ، ولم يُمَدُّوا بها ؛ والجمهور على خلافه ، وقد ذكرنا اختلافهم في عدد الملائكة في [ آل عمران : 126 ] .