Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 86, Ayat: 1-10)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { والسماء والطارق } قال ابن قتيبة : الطارق : النجم ، سمي بذلك ، لأنه يطرق ، أي : يطلع ليلاً ، وكل من أتاك ليلاً ، فقد طرقك . ومنه قول هند ابنة عتبة : @ نحن بنات طارق نمشي على النمارق @@ تريد : إن أبانا نجم في شَرََفه وعلوِّه . قوله تعالى : { وما أدراك ما الطارق } قال المفسرون : ذلك أن هذا الاسم يقع على كل ما طرق ليلاً ، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدري ما المراد به حتى تبينه بقوله تعالى : { النجم الثاقب } يعني : المضيء ، كما بيَّنا في [ الصافات : 10 ] . وفي المراد بهذا النجم ثلاثة أقوال . أحدها : أنه زُحَل ، قاله علي رضي الله عنه . وروى أبو الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنه قال : هو زحل ، ومسكنه في السماء السابعة لا يسكنها غيره من النجوم ، فإذا أخذت النجومُ أمكنتَها من السماء ، هبط ، فكان معها ، ثم رجع إلى مكانه من السماء السابعة ، فهو طارق حين ينزل ، وطارق حين يصعد . والثاني : أنه الثريا ، قاله ابن زيد . والثالث : أنه اسم جنس ، ذكره علي بن أحمد النيسابوري . قوله تعالى : { إن كلُّ نفسٍ } قرأ أُبَيُّ بن كعب ، وأبو المتوكل [ إنَّ ] بالتشديد « كلَّ » بالنصب { لما عليها حافظ } وقرأ أبو جعفر ، وابن عامر ، وعاصم الجحدري ، وحمزة ، وأبو حاتم عن يعقوب « لمَّا » بالتشديد . وقرأ الباقون بالتخفيف . قال الزجاج : هذه الآية جواب القسم ، ومن خفف فالمعنى : لَعَلَيْها حافظ و « ما » لغو . ومن شدد ، فالمعنى : إلا ، قال : فاستعملت « لما » في موضع « إلا » في موضعين . أحدهما : هذا . والآخر : في باب القسم . تقول : سألتك لما فعلت ، بمعنى : إلا فعلت . قال المفسرون : المعنى : ما من نفس إلا عليها حافظ . وفيه قولان . أحدهما : أنهم الحفظة من الملائكة ، قاله ابن عباس . قال قتادة : يحفظون على الإنسان عمله من خير أو شر . والثاني : حافظ يحفظ الإنسان حتى حين يسلِّمه إلى المقادير ، قاله الفراء . ثم نبه على البعث بقوله تعالى : { فلينظر الإنسان مم خلق ؟ } أي : من أي شيء خلقه الله ؟ والمعنى : فلينظر نظر التفكُّر والاستدلال ليعرف أن الذي ابتدأه من نطفة قادرٌ على إعادته . قوله تعالى : { من ماءٍ دافقٍ } قال الفراء : معناه : مدفوق ، كقول العرب . سرٌّ كاتم ، وهمٌ ناصب ، وليلٌ نائم ، وعيشة راضية ، وأهل الحجاز يجعلون المفعول فاعلاً ، قال الزجاج : ومذهب سيبويه ، وأصحابه أن معناه النسب إلى الاندفاق ، والمعنى : من ماءٍ ذي اندفاق . قوله تعالى : { يخرج من بين الصلب } قرأ ابن مسعود ، وابن سيرين ، وابن السميفع ، وابن أبي عبلة « الصلب » بضم الصاد ، واللام جميعاً . يعني : يخرج من صلب الرجل وترائب المرأة . قال الفراء : يريد يخرج من الصلب والترائب . يقال : يخرج من بين هذين الشيئين خير كثير . بمعنى : يخرج منهما . وفي « الترائب » ثلاثة أقوال . أحدها : أنه موضع القلادة ، قاله ابن عباس . قال الزجاج : قال أهل اللغة أجمعون : الترائب : موضع القلادة من الصدر ، وأنشدوا لامرىء القيس : @ مُهَفْهَفَةٌ بَيْضَاءُ غَيْرُ مُفَاضَةٍ تَرائِبُها مَصْقُولَةٌ كالسَّجَنْجَلِ @@ قرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي قال : السجنجل : المرآة بالرومية . وقيل : هي سبيكة الفضة ، وقيل : السجنجل : الزعفران ، وقيل : ماء الذهب . ويروى : البيت « بالسجنجل » . والثاني : أن الترائب : اليدان والرجلان والعينان ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال الضحاك . والثالث : أنها أربعة أضلاع من يمنة الصدر ، وأربعة أضلاع من يسرة الصدر ، حكاه الزجاج . قوله تعالى : { إنه } الهاء كناية عن الله عز وجل { على رجعه } الرجع : رد الشيء إلى أول حاله . وفي هذه الهاء قولان . أحدهما : أنها تعود على الإنسان . ثم فيه قولان . أحدهما : أنه على إعادة الإنسان حياً بعد موته قادر ، قاله الحسن ، وقتادة . قال الزجاج : ويدل على هذا القول قوله تعالى { يوم تبلى السرائر } . والثاني : أنه على رجعه من حال الكبر إلى الشباب ، ومن الشباب إلى الصبا ، ومن الصبا إلى النطفة قادر ، قاله الضحاك . والقول الثاني : أنها تعود إلى الماء . ثم في معنى الكلام ثلاثة أقوال . أحدها : رد الماء في الإحليل ، قاله مجاهد . والثاني : على رده في الصلب ، قاله عكرمة ، والضحاك . والثالث : على حبس الماء فلا يخرج ، قاله ابن زيد . قوله تعالى : { يوم تبلى السرائر } التي بين العبد وبين ربه حتى يظهر خيرها من شرها ، ومؤدِّيها من مضيِّعها ، فإن الإنسان مستور في الدنيا ، لا يُدري أصلى ، أم لا ؟ أتوضأ ، أم لا ؟ فإذا كان يوم القيامة أبدى الله كل سِرٍّ ، فكان زَيْناً في الوجه ، أو شَيْناً . وقال ابن قتيبة : تُخْتَبرُ سرائر القلوب . قوله تعالى : { فما له من قوة } أي : فما لهذا الإنسان المنكر للبعث من قوة يمتنع بها من عذاب الله { ولا ناصر } ينصره .