Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 113-114)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } في سبب نزولها أربعة أقوال . أحدها : " أن أبا طالب لما حضرته الوفاة ، دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعنده أبو جهل ، وعبد الله بن أبي أمية ، فقالأي عم ، قل معي : لا إله إلا الله ، أحاجُّ لك بها عند الله فقال أبو جهل وابن أبي أمية : يا أبا طالب ، أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ ! فلم يزالا يكلِّمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به : أنا على ملَّة عبد المطلب . فقال النبي صلى الله عليه وسلم « لأستغفرن لك مالم أُنه عنك » فنزلت { ما كان للنبي والذين آمنوا … } الآية ، ونزلت { إنك لا تهدي من أحببت } [ القصص : 56 ] " أخرجه البخاري ومسلم في « الصحيحين » من حديث سعيد بن المسيب . عن أبيه وقيل : إنه لما مات أبو طالب ، جعل النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر له ، فقال المسلمون : ما يمنعنا أن نستغفر لآبائنا ولذوي قراباتنا ، وقد استغفر ابراهيم لأبيه ، وهذا محمد يستغفر لعمه ؟ فاستغفروا للمشركين ، فنزلت هذه الآية . قال أبو الحسين بن المنادي : هذا لا يصح ، إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، لعمه " لأستغفرن لك مالم أُنه عنك " قبل أن يموت ، وهو في السياق فأما أن يكون استغفر له بعد الموت ، فلا ، فانقلب ذلك على الرواة ، وبقي على انقلابه . والثاني : " أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بقبر أمه آمنة ، فتوضأ وصلى ركعتين ، ثم بكى ، فبكى الناس لبكائه ، ثم انصرف إليهم ، فقالوا : ما الذي أبكاك ؟ فقال « مررت بقبر أمي فصليت ركعتين ، ثم استأذنت ربي أن أستغفر لها ، فنُهيت ، فبكيت ، ثم عدت فصليت ركعتين ، فاستأذنت ربي أن أستغفر لها ، فزُجرت زجراً ، فأبكاني ، » ثم دعا براحلته فركبها ؛ فما سار إلا هُنَيأة ، حتى قامت الناقة لثقل الوحي ؛ فنزلت { ما كان للنبي والذين آمنوا } والأية التي بعدها " ، رواه بريدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . والثالث : أن رجلاً استغفر لأبويه ، وكانا مشركين ، فقال له علي بن أبي طالب : أتستغفر لهما وهما مشركان ؟ فقال : أولم يستغفر إبراهيم لأبيه ؟ فذكر ذلك عليّ للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية والتي بعدها ، رواه أبو الخليل عن علي عليه السلام . والرابع : " أن رجالاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا نبي الله ، إن من آبائنا من كان يحسن الجوار ، ويصل الرحم ، ويفك العاني ، ويوفي بالذمم ، أفلا نستغفر لهم ؟ فقال : « بلى ، والله لأستغفرن لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه » " فنزلت هذه الآية ، وبيَّن عذر إبراهيم ، قاله قتادة . ومعنى قوله : { من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم } أي : من بعد ما بان أنهم ماتوا كفاراً . قوله تعالى : { إلا عن موعدة وعدها إياه } فيه قولان . أحدهما : أن إبراهيم وعد أباه الاستغفار ، وذلك قوله : { سأستغفر لك ربي } [ مريم : 47 ] وما كان يعلم أن الاستغفار للمشركين محظور حتى أخبره الله بذلك . والثاني : أن أباه وعده أنه إن استغفر له آمن ؛ فلما تبيَّن لإبراهيم عداوة أبيه لله تعالى بموته على الكفر ، ترك الدعاء له . فعلى الأول ، تكون هاء الكناية في « إيَّاه » عائدة على آزر ، وعلى الثاني ، تعود على إبراهيم . وقرأ ابن السميفع ، ومعاذ القارىء ، وأبو نهيك : « وعدها أباه » بالباء . وفي الأوَّاه ثمانية أقوال . أحدها : أنه الخاشع الدَّعَّاء المتضرع ، رواه عبد الله بن شداد بن الهاد عن النبي صلى الله عليه وسلم . والثاني : أنه الدَّعَّاء ، رواه زِرٌّ عن عبد الله ، وبه قال عبيد بن عمير . والثالث : الرحيم ، رواه أبو العبيد بن العامري عن ابن مسعود ، وبه قال الحسن ، وقتادة ، وأبو ميسرة . والرابع : أنه الموقن ، رواه أبو ظبيان عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وعطاء ، وعكرمة ، والضحاك . والخامس : أنه المؤمن ، رواه العوفي ، ومجاهد ، وابن أبي طلحة عن ابن عباس . والسادس : أنه المسبِّح ، رواه أبو إسحاق عن أبي ميسرة ، وبه قال سعيد ابن المسيب ، وابن جبير . والسابع : أنه المتأوِّه لذِكر عذاب الله ، قاله الشعبي . قال أبو عبيدة : مجاز أواه مجاز فَعّال من التأوّه ، ومعناه : متضرِّع شَفَقَاً وفَرَقاً ولزوماً لطاعة ربه ، قال المُثَقَّب : @ إذا ما قمتُ أرْحَلُها بليل تأَوَّهُ آهةَ الرجل الحزينِ @@ والثامن : أنه الفقيه ، رواه ابن جريج عن مجاهد . فأما الحليم ، فهو الصفوح عن الذنوب .