Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 75-75)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ومنهم من عاهد الله } في سبب نزولها أربعة أقوال . أحدها : " أن ثعلبة بن حاطب الأنصاري ، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يرزقني مالاً ، فقال : ويحك يا ثعلبة ، قليلٌ تؤدي شكرَهُ ، خير من كثير لا تطيقه قال : ثم قال مرة أخرى ، فقال : أما ترضى أن تكون مثل نبي الله ؟ فوالذي نفسي بيده لو شئتُ أن تسير معي الجبال ذهباً وفضة ، لسارت فقال : والذي بعثك بالحق ، لئن دعوتَ الله أن يرزقني مالاً ، لأُوتينَّ كل ذي حق حقه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم ارزق ثعلبة مالاً فاتخذ غنماً ، فنمت ، فضاقت عليه المدينة ، فتنحَّى عنها ، ونزل وادياً من أوديتها ، حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة ، ويترك ما سواهما . ثم نَمت ، حتى ترك الصلوات إلا الجمعة ، ثم نمت ، فترك الجمعة . فسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأُخبر خبره ، فقال : يا ويح ثعلبة ، يا ويح ثعلبة ، يا ويح ثعلبة وأنزل الله تعالى : { خذ من أموالهم صدقة } [ التوبة : 9 ] وأنزل فرائض الصدقة ؛ فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين على الصدقة ، وكتب لهما كتاباً يأخذان الصدقة ، وقال : مُرّا بثعلبة ، وبفلان رجل من بني سُليم ، فخرجا حتى أتيا ثعلبة ، فسألاه الصدقة ، وأقرآه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما هذا إلا جزية ، ما هذه إلا أُخت الجزية ، ما أدري ما هذا ، انطلقا حتى تفرغا ثم تعودا إليَّ ، فانطلقا . فأُخبر السُلَميّ ، فاستقبلهما بخيار ماله ، فقالا : لا يجب هذا عليك ؛ فقال : خذاه ، فان نفسي بذلك طيبة ؛ فأخذا منه . فلما فرغا من صدقتهما ، مرّا بثعلبة ، فقال : أروني كتابكما ، فقال : ما هذه إلا أُخت الجزية ، انطلقا حتى أرى رأيي ، فانطلَقا ، فأخبرا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان ، فنزلت هذه الآية إلى قوله : { بما كانوا يكذبون } ، وكان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أقارب ثعلبة ، فخرج إلى ثعلبة ، فأخبره ، فأتى رسولَ الله ، وسأله أن يقبل منه صدقته ، فقال : إن الله قد منعني أن أقبل منك صدقتك ؛ فجعل يحثو التراب على رأسه . فقال : هذا عملك ، قد أمرتك فلم تطعني . فرجع إلى منزله ، وقُبض رسول الله ، ولم يقبل منه شيئاً " ، فلما ولي أبو بكر ، سأله أن يقبل منه ، فأبى ، فلما ولي عمر ، سأله أن يقبل منه ، فأبى ، فلما ولي عثمان ، سأله أن يقبلها ؛ فقال : لم يقبلها رسول الله ، ولا أبو بكر ، ولا عمر ، فلم يقبلها . وهلك ثعلبة في خلافة عثمان رضي الله عنه . روى هذا الحديث القاسم عن أبي أمامة الباهلي . وقال ابن عباس : مرّ ثعلبة على مجلس ، فأشهدهم على نفسه : لئن آتاني الله من فضله ، آتيت كل ذي حق حقه ، وفعلت كذا وكذا . فآتاه الله من فضله ، فأخلف ما وعد ؛ فقص الله علينا شأنه . والثاني : أن رجلاً من بني عمرو بن عوف ، كان له مال بالشام ، فأبطأ عنه ، فجُهد له جُهداً شديداً ، فحلف بالله لئن آتانا من فضله ، أي : من ذلك المال ، لأصَّدقَّن منه ، ولأصِلَنَّ ، فأتاه ذلك المال ، فلم يفعل ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس . قال ابن السائب : والرجل حاطب بن أبي بلتعة . والثالث : أن ثعلبة ، ومُعتِّب بن قُشير ، خرجا على ملأٍ ، فقالا : والله لئن رزقنا الله لنصَّدَّقنَّ . فلما رزقهما ، بخلا به ، فنزلت هذه الآية ، قاله الحسن ، ومجاهد . والرابع : أن نبتل بن الحارث ، وجَدّ بن قيس ، وثعلبة بن حاطب ، ومعتِّب ابن قشير ، قالوا : لئن آتانا الله من فضله لنصدقن . فلما آتاهم من فضله بخلوا به ، فنزلت هذه الآية ، قاله الضحاك . فأما التفسير : فقوله : { ومنهم } يعني : المنافقين { من عاهد الله } أي : قال عليَّ عهدُ الله { لنصّدَّقنَّ } الأصل : لنتصدقن ، فأدغمت التاء في الصاد لقربها منها . { ولنكوننَّ من الصالحين } أي : لنعملنَّ ما يعمل أهل الصلاح في أموالهم من صلة الرحم والإِنفاق في الخير . وقد روى كَهْمَس عن معبد بن ثابت أنه قال : إنما هو شيء نوَوْه في أنفسهم ، ولم يتكلموا به ، ألم تسمع إلى قوله : { ألم يعلموا أن الله يعلم سرَّهم ونجواهم } ؟