Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 92, Ayat: 1-11)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { والليل إذا يغشى } قال ابن عباس : يغشى بظلمته النهار . وقال الزجاج : يغشى الأفق ، ويغشى جميع ما بين السماء والأرض ، { والنهار إذا تجلى } أي : بان وظهر من بين الظلمة ، { وما خلق الذكر والأنثى } في « ما » قولان . وقد ذكرناهما عند قوله تعالى : { وما بناها } [ الشمس : 5 ] وفي « الذكر والأنثى » قولان . أحدهما : آدم وحواء ، قاله ابن السائب ، ومقاتل . والثاني : أنه عام ، ذكره الماوردي . قوله تعالى : { إن سعيكم لشتى } هذا جواب القسم . قال ابن عباس : إن أعمالكم لمختلفة ، عمل للجنة ، وعمل للنار . وقال الزجاج : سعي المؤمن والكافر مختلف ، بينهما بُعْدٌ . وفي سبب نزول هذه السورة قولان . أحدهما : أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه اشترى بلالاً من أُمَيَّة وأُبَيٍّ ابنَي خلف بِبُرْدةٍ وعشرة أواق ، فأعتقه ، فأنزل الله عز وجل « والليل » إلى قوله تعالى : { إن سعيكم لشتى } يعني : سعي أبي بكر ، وأُميَّة وأُبَيٍّ ، قاله عبد الله بن مسعود . والثاني : " أن رجلاً كانت له نخلةٌ فرعُها في دار رجلٍ فقيرٍ ذي عيال ، وكان الرجل إذا صَعِدَ النخلة ليأخذ منها الثمر ، فربما سقطت الثمرة ، فيأخذها صبيان الفقير فينزل الرجل من نخلته حتى يأخذ الثمرة من أيديهم ، فإن وجدها في فم أحدهم أدخل أصبعه حتى يخرجها ، فشكا ذلك الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلقي النبيُّ صلى الله عليه وسلم صاحبَ النخلة ، فقال : « تعطني نخلتك التي فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنة ؟ » فقال الرجل : إن لي نخلاً وما فيه نخلة أعجب إليَّ منها ، ثم ذهب الرجل ، فقال رجل : ممن سمع ذلك الكلام : يا رسول الله ، أتعطيني نخلة في الجنة إن أنا أخذتها ؟ قال : نعم ، فذهب الرجل ، فلقي صاحب النخلة ، فساومها منه ، فقال له : أَمَا شَعَرْتَ أن محمداً أعطاني بها نخلة في الجنة ؟ فقلتُ : ما لي نخلة أعجب إليَّ منها ، فقال له : أتريد بيعها ؟ قال : لا ، إلا أن أُعطى بها مالا أظنني أعطى ، قال : ما مناك ؟ قال : أربعون نخلة ، فقال : أنا أُعطيك أربعين نخلة ، فأشهد له ناساً ، ثم ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن النخلة قد صارت في ملكي ، وهي لك ، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صاحب الدار ، فقال : النخلة لك ولعيالك ، فأنزل الله عز وجل « والليل إذا يغشى » إلى قوله تعالى { إن سعيكم لشتى } " رواه عكرمة عن ابن عباس . وقال عطاء : الذي اشتراها من الرجل أبو الدحداح ، أخذها بحائط له ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات إلى قوله تعالى : « إن سعيكم لشتى » أبو الدحداح ، وصاحب النخلة . قوله تعالى : { فأما من أعطى واتقى } قال ابن مسعود : يعني : أبا بكر الصديق ، هذا قول الجمهور . وقال عطاء : هو أبو الدحداح . وفي المراد بهذا العطاء ثلاثة أقوال . أحدها : أعطى من فضل ماله ، قاله ابن عباس . والثاني : أعطى الله الصدق من قبله ، قاله الحسن . والثالث : أعطى حق الله عليه ، قاله قتادة . وفي قوله تعالى { واتقى } ثلاثة أقوال . أحدها : اتقى الله ، قاله ابن عباس . والثاني : اتقى البُخْل ، قاله مجاهد . والثالث : اتقى محارم الله التي نهى عنها ، قاله قتادة . وفي « الحسنى » ستة أقوال : أحدها : أنه « لا إله إلا الله » ، رواه عطية عن ابن عباس ، وبه قال الضحاك . والثاني : الخَلَف ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، وبه قال الحسن . والثالث : الجنة ، قاله مجاهد . والرابع : نِعَم الله عليه ، قاله عطاء . والخامس : بوعد الله أن يثيبه ، قاله قتادة ، ومقاتل . والسادس : الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، قاله زيد بن أسلم . قوله تعالى : { فسنيسره لليسرى } ضم أبو جعفر سين « اليسرى » وسين « العسرى » وفيه قولان . أحدهما : للخير ، قاله ابن عباس . والمعنى : نُيَسِّر ذلك عليه . والثاني : للجنة ، قاله زيد بن أسلم . { وأما من بخل } قال ابن مسعود : يعني ذلك أُميَّة وأُبي ابنَيْ خلف . وقال عطاء : هو صاحب النخلة . قال المفسرون : « وأما من بخل » بالنفقة في الخير والصدقة . وقال قتادة : بحق الله عز وجل { واستغنى } عن ثواب الله فلم يرغب فيه { وكذّب بالحسنى } وقد سبقت الأقوال فيها . وفي « العسرى » قولان . أحدهما : النار ، قاله ابن مسعود . والثاني : الشر ، قاله ابن عباس . والمعنى : سنهيؤه للشر فيؤدِّيه إلى الأمر العسير ، وهو عذاب النار . ثم ذكر أن ما أمسكه من ماله لا ينفعه ، فقال تعالى : { وما يغنى عنه ماله } الذي بخل به عن الخير { إذا تردَّى } وفيه قولان . أحدهما : إذا تردَّى في جهنم ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والمعنى : إذا سقط فيها . والثاني : إذا مات فتردَّى في قبره ، قاله مجاهد .