Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 93, Ayat: 1-11)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وفي المراد « بالضحى » أربعة أقوال . أحدها : ضوء النهار ، قاله مجاهد . والثاني : صدر النهار ، قاله قتادة . والثالث : أول ساعة من النهار إذا ترحّلت الشمس ، قاله السدي ، ومقاتل . والرابع : النهار كلُّه ، قاله الفراء . وفي معنى « سجى » خمسة أقوال . أحدها : أظلم . والثاني : ذهب ، رويا عن ابن عباس . والثالث : أقبل ، قاله سعيد بن جبير . والرابع : سكن ، قاله عطاء ، وعكرمة ، وابن زيد . فعلى هذا : في معنى « سكن » قولان . أحدهما : استقر ظلامه . قال الفراء : « سجى » بمعنى أظلم وركد في طوله . كما يقال : بَحْرٌ سَاجٍ : ولَيْل سَاجٍ : إذا ركد وأظلم . ومعنى : ركد : سكن . قال أبو عبيدة ، يقال : ليلة ساجية ، وساكنة ، وشاكرة . قال الحادي : @ يَا حَبَّذا القَمْرَاءُ والليلُ الساجْ وطُرُقٌ مِثْلُ مُلاءِ النِّساجْ @@ قال ابن قتيبة : « سجى » بمعنى سكن ، وذلك عند تناهي ظلامه وركوده . والثاني : سكن الخلق فيه ، ذكره الماوردي . والخامس : امتد ظلامه ، قاله ابن الأعرابي . قوله تعالى : { ما وَدَّعك ربك } وقرأ عمر بن الخطاب ، وأنس ، وعروة ، وأبو العالية ، وابن يعمر ، وابن أبي عبلة ، وأبو حاتم عن يعقوب « مَا وَدَعَكَ » بتخفيف الدال . وهذا جواب القسم . قال أبو عبيدة : « ما وَدَّعك » من التوديع كما يودع المفارق ، و « مَا وَدَعَكَ » مخففة من ودعه يدعه { وما قلى } أي : أبغض . قوله تعالى : { وللآخرة خير لك من الأولى } قال عطاء ، خير لك من الدنيا . وقال غيره : الذي لك في الآخرة أعظم مما أعطاك من كرامة الدنيا . قوله تعالى : { ولسوف يعطيك ربك } في الآخرة من الخير { فترضى } بما تُعطَى . قال علي والحسن : هو الشفاعة في أمته حتى يرضى . قال ابن عباس : عُرِض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما يُفْتَح على أُمته من بعده كَفْرَاً كَفْرَاً ، فَسُر بذلك ، فأنزل الله عز وجل : « وللآخرة خير لك من الأولى . ولسوف يعطيك ربك فترضى » . قوله تعالى : { ألم يجدك يتيماً فآوى } فيه قولان . أحدهما : جعل لك مأوى ، إذا ضَمَّك إلى عمك أبي طالب ، فكفاك المؤونة ، قاله مقاتل . والثاني : جعل لك مأوى لنفسك أغناك عن كفالة أبي طالب ، قاله ابن السائب . قوله تعالى : { ووجدك ضالاً فهدى } فيه ستة أقوال . أحدها : ضالاً عن معالم النبوة ، وأحكام الشريعة ، فهداك إليها ، قاله الجمهور ، منهم الحسن ، والضحاك . والثاني : أنه ضَلَّ وهو صبي صغير في شعاب مكة ، فردَّه الله إلى جده عبد المطلب ، رواه أبو الضحى عن ابن عباس . والثالث : أنه لما خرج مع ميسرة غلام خديجة أخذ إبليس بزمام ناقته ، فعدل به عن الطريق ، فجاء جبريل ، فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى الحبشة ، ورده إلى القافلة ، فمنَّ الله عليه بذلك ، قاله سعيد بن المسيب . والرابع : أن المعنى : ووجدك في قوم ضُلاَّل ، فهداك للتوحيد والنبوة ، قاله ابن السائب . والخامس : ووجدك نِسْيَاً ، فهداك إلى الذِّكْر . ومثله : { أن تَضِلَّ إحداهما فتذكَّر إحداهما الأخرى } [ البقرة : 282 ] ، قاله ثعلب . والسادس : ووجدك خاملاً لا تُذْكَر ولا تُعْرَف ، فهدى الناس إليك حتى عرفوك ، قاله عبد العزيز بن يحيى ، ومحمد بن علي الترمذي . قوله تعالى : { ووجدك عائلاً } قال أبو عبيدة : أي : ذا فقر . وأنشد : @ وَمَا يَدْري الفقيرُ مَتى غِنَاهُ وما يَدْرِي الغَنِيُّ مَتى يَعِيلُ @@ أي : يفتقر . قال ابن قتيبة : العائل : الفقير ، كان له عيال ، أو لم يكن . يقال : عال الرجل ، إذا افتقر . وأعال : إذا كثر عياله . قوله تعالى : { فأغنى } قولان . أحدهما : رَضَّاك بما أعطاك من الرزق ، قاله ابن السائب ، واختاره الفراء . وقال : لم يكن غناه عن كثرة المال ، ولكن الله رضَّاه بما آتاه . والثاني : فأغناك بمال خديجة عن أبي طالب ، قاله جماعة من المفسرين . قوله تعالى : { فأما اليتيم فلا تقهر } فيه قولان . أحدهما : لا تحقر ، قاله مجاهد . والثاني : لا تقهره على ماله ، قاله الزجاج { وأما السائل } ففيه قولان . أحدهما : سائل البِر ، قاله الجمهور . والمعنى : إذا جاءك السائل ، فإما أن تعطيه ، وإِما أن تردَّه ردَّاً ليناً . ومعنى { فلا تنهر } لا تنهره ، يقال : نهره وانتهره : إذا استقبله بكلام يزجره . والثاني : أنه طالب العلم ، قاله يحيى بن آدم في آخرين . قوله تعالى : { وأما بنعمة رَبِّك فَحَدِّثْ } في النعمة ثلاثة أقوال . أحدها : النُبُوَّة . والثاني : القرآن ، رويا عن مجاهد . والثالث : أنها عامة في جميع الخيرات ، وهذا قول مقاتل . وقد روي عن مجاهد قال : قرأت على ابن عباس . فلما بلغت « والضحى » قال : كبِّر إذا ختمت كل سورة حتى تختم . وقد قرأتُ على أُبيِّ بن كعب فأمرني بذلك . قال علي بن أحمد النيسابوري : ويقال : إن الأصل في ذلك أن الوحي لما فتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال المشركون : قد هجره شيطانه وَوَدَعَه ، اغتمَّ لذلك ، فلما نزل « والضحى » كبَّر عند ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحاً بنزول الوحي ، فاتخذه الناس سُنَّةً .