Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 99, Ayat: 1-8)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إذا زُلْزلت الأرض زِلْزَالها } أي : حُرِّكت حركةً شديدةً ، وذلك عند قيام الساعة . وقال مقاتل : تتزلزل من شدة صوت إسرافيل حتى يَنْكَسِرَ كلُّ ما عليها من شدة الزّلزلة ولا تسكن حتى تلقيَ ما على ظهرها من جبل ، أو بناءٍ ، أو شجر ، ثم تتحرك وتضطرب ، فتُخْرِج ما في جوفها . وفي وقت هذه الزلزلة قولان . أحدهما : تكون في الدنيا ، وهي من أشراط الساعة ، قاله الأكثرون . والثاني : أنها زلزلة يوم القيامة ، قاله خارجة بن زيد في آخرين . قال الفراء : حدثني محمد بن مروان ، قال : قلت للكلبي : أرأيتَ قول الله تعالى : { إذا زلزلت الأرض زلزالها } ؟ فقال هذه بمنزلة قوله تعالى : { ويخرجكم إخراجاً } [ نوح : 18 ] فأضيف المصدر إلى صاحبه ، وأنت قائل في الكلام : لأُعطيَنَّكَ عَطِيَّتَكَ ، تريد عطية . والزِّلزال بالكسر المصدر ، وبالفتح الاسم . وقد قرأ أبو العالية ، وأبو عمران ، وأبو حيوة الجحدري : « زَلزالها » بفتح الزاي . قوله تعالى : { وأخرجت الأرض أثقالها } فيه قولان . أحدهما : ما فيها من الموتى ، قاله ابن عباس . والثاني : كنوزها ، قاله عطية وجمع الفراء بين القولين فقال : لفظت ما فيها من ذهب ، أو فضة ، أو ميت . قوله تعالى : { وقال الإنسان ما لها } فيه قولان . أحدهما : أنه اسم جنس يعم الكافر والمؤمن ، وهذا قول من جعلها من أشراط الساعة ، لأنها حين ابتدأت لم يعلم الكلُّ أنها من أشراط الساعة ، فسأل بعضهم بعضاً حتى أيقنوا . والثاني : أنه الكافر خاصة ، وهذا قول من جعلها زلزلة القيامة ، لأن المؤمن عارف فلا يسأل عنها ، والكافر جاحد لها لأنه لا يؤمن بالبعث ، فلذلك يسأل . قوله تعالى : { يومئذ تُحَدِّثُ أخبارها } قال الزجاج : « يومئذ » منصوب بقوله تعالى : { إذا زلزلت } { وأخرجت } ففي ذلك اليوم تحدِّث بأخبارها ، أي : تخبر بما عمل عليها . وفي حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا : الله و رسوله أعلم . قال : أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها تقول : عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا . قوله تعالى : { بأنَّ ربَّك أوحى لها } قال الفراء : تحدِّث أخبارها بوحي الله وإذنه لها . قال ابن عباس : أوحى لها ، أي : أوحى إليها ، وأذن لها أن تخبر بما عمل عليها . وقال أبو عبيدة : « لها » بمعنى « إليها » قال العجَّاج : @ وَحَىَ لها القَرَارَ فاسْتَقَرَّتِ @@ قوله تعالى : { يومئذ يَصْدُرُ النَّاس } أي : يرجعون عن موقف الحساب { أشتاتاً } أي : فِرَقاً . فأهل الإيمان على حدةٍ وأهل الكفر على حِدة { ليُرَوْا أعمالهم } وقرأ أبو بكر الصديق ، وعائشة ، والجحدري : « لِيَروْا » بفتح الياء . قال ابن عباس : أي : ليروا جزاء أعمالهم . فالمعنى : أنهم يرجعون عن الموقف فرقاً لينزلوا منازلهم من الجنة والنار . وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، تقديره : تُحَدِّث أخبارها بأن ربَّك أوحى لها ليروا أعمالهم يومئذ يصدر الناس أشتاتاً . فعلى هذا : يرون ما عملوا من خير أو شر في موقف العَرْضِ { فمن يعمل مثقال ذرة } قال المفسرون : من يعمل في الدنيا مثقال ذرة من الخير أو الشر يره وقرأ أبان عن عاصم « يُرَه » بضم الياء في الحرفين . وقد بَيَّنَّا معنى « الذَّرَّة » في سورة [ النساء : 40 ] وفي معنى هذه الرؤية قولان . أحدهما : أنه يراه في كتابه . والثاني : يرى جزاءه . وذكر مقاتل : أنها نزلت في رجلين كانا بالمدينة ، كان أحدهما يستقلُّ أن يعطيَ السائل الكِسْرة ، أو التمرة . وكان الآخر يتهاون بالذَّنب اليسير ، فأنزل الله عز وجل هذا يُرَغِّبُهم في القليل من الخير ، ويُحَذِّرهم اليسير من الشر .