Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 13-15)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ } يا أهل مكة { لَمَّا ظَلَمُواْ } أشركوا وهو ظرف { أهلكنا } والواو في { وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم } للحال أي ظلموا بالتكذيب وقد جاءتهم رسلهم { بِٱلْبَيِّنَـٰتِ } بالمعجزات { وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } إن بقوا ولم يهلكوا لأن الله علم منهم أنهم يصرون على كفرهم ، وهو عطف على { ظلموا } أو اعتراض ، واللام لتأكيد النفي يعني أن السبب في إِهلاكهم تكذيبهم للرسل ، وعلم الله أنه لا فائدة في إمهالهم بعد أن ألزموا الحجة ببعثة الرسل { كَذٰلِكَ } مثل ذلك الجزاء يعني الإهلاك { نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } وهو وعيد لأهل مكة على إجرامهم بتكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم { ثُمَّ جَعَلْنَـٰكُمْ خَلَـٰئِفَ فِى ٱلأَرْضِ مِن بَعْدِهِم } الخطاب للذين بعث إليهم محمد صلى الله عليه وسلم أي استخلفناكم في الأرض بعد القرون التي أهلكناها { لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } أي لننظر أتعملون خيراً أو شراً فنعاملكم على حسب عملكم . و { كيف } في محل النصب بـ { تعملون } لا بـ { ننظر } ، لأن معنى الاستفهام فيه يمنع أن يتقدم عليه عامله ، والمعنى أنتم بمنظر منا فانظروا كيف تعملون ، أبالاعتبار بماضيكم أم الاغترار بما فيكم ؟ قال عليه السلام : " الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون " { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُنَا بَيّنَاتٍ } حال { قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا } لما غاظهم ما في القرآن من ذم عبادة الأوثان والوعيد لأهل الطغيان { ٱئْتِ بِقُرْءانٍ غَيْرِ هَـٰذَا } ليس فيه ما يغيظنا من ذلك نتبعك { أَوْ بَدّلْهُ } بأن تجعل مكان آية عذاب آية رحمة وتسقط ذكر الآلهة وذم عبادتها ، فأمر بأن يجيب عن التبديل لأنه داخل تحت قدرة الإنسان وهو أن يضع مكان آية عذاب آية رحمة وأن يسقط ذكر الآلهة بقوله : { قُلْ مَا يَكُونُ لِي } ما يحل لي { أَنْ أُبَدّلَهُ مِن تِلْقَائي نَفْسِي } من قبل نفسي { إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ } لا أتبع إلا وحي الله من غير زيادة ولا نقصان ولا تبديل ، لأن الذي أتيت به من عند الله لا من عندي فأبدله { إِنّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبّى } بالتبديل من عند نفسي { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } أي يوم القيامة . وأما الإتيان بقرآن آخر فلا يقدر عليه الإنسان ، وقد ظهر لهم العجز عنه إلا أنهم كانوا لا يعترفون بالعجز ويقولون لو نشاء لقلنا مثل هذا . ولا يحتمل أن يريدوا بقوله { أئت بقرآن غير هذا أو بدله } من جهة الوحي لقوله : { إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم } وغرضهم في هذا الاقتراح الكيد ، أما اقتراح إبدال قرآن بقرآن ففيه أنه من عندك وأنك قادر على مثله فأبدل مكانه آخر ، وأما اقتراح التبديل فلاختبار الحال ، وأنه إن وجد منه تبديل فإما أن يهلكه الله فينجوا منه أولا يهلكه فيسخروا منه ، فيجعلوا التبديل حجة عليه وتصحيحاً لإفترائه على الله