Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 106-108)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِى ٱلنَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ } هو أول نهيق الحمار { وَشَهِيقٌ } هو آخره ، أو هما إخراج النفس ورده ، والجملة في موضع الحال والعامل فيها الاستقرار الذي في النار { خَـٰلِدِينَ فِيهَا } حال مقدرة { مَا دَامَتِ ٱلسَّمَـٰوٰتُ وَٱلأَرْضُ } في موضع النصب أي مدة دوام السماوات والأرض ، والمراد سماوات الآخرة وأرضها وهي دائمة مخلوقة للأبد . والدليل على أن لها سماوات وأرضاً قوله { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَـٰوٰتُ } [ إبراهيم : 48 ] وقيل : ما دام فوق وتحت ولأنه لا بد لأهله الآخرة مما يقلهم ويظلهم إما سماء أو عرش وكل ما أظلك فهو سماء ، أو هو عبارة عن التأبيد ونفي الانقطاع كقول العرب : ما لاح كوكب ، وغير ذلك من كلمات التأبيد { إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ } هو استثناء من الخلود في عذاب النار ، وذلك لأن أهل النار لا يخلدون في عذاب النار وحده بل يعذبون بالزمهرير وأنواع من العذاب سوى عذاب النار ، أو بـ { ما شاء } بمعنى من شاء وهم قوم يخرجون من النار ويدخلون الجنة فيقال لهم الجهنميون وهم المستثنون من أهل الجنة أيضاً لمفارقتهم إياها بكونهم في النار أياماً ، فهؤلاء لم يشقوا شقاوة من يدخل النار على التأبيد ، ولا سعدوا سعادة من لا تمسه النار ، وهو مروي عن ابن عباس والضحاك وقتادة رضي الله عنهم { إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لّمَا يُرِيدُ } بالشقي والسعيد { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ } { سُعدوا } حمزة وعلي وحفص . سَعد لازم وسعَده يسعَده متعد { فَفِى ٱلْجَنَّةِ خَـٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَـٰوٰتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ } هو استثناء من الخلود في نعيم الجنة وذلك أن لهم سوى الجنة ما هو أكبر منها وهو رؤية الله تعالى ورضوانه ، أو معناه إلا من شاء أن يعذبه بقدر ذنبه قبل أن يدخله الجنة . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الاستثناء في الآيتين لأهل الجنة " ومعناه ما ذكرنا أنه لا يكون للمسلم العاصي الذي دخل النار خلود في النار حيث يخرج منها ، ولا يكون له أيضاً خلود في الجنة لأنه لم يدخل الجنة ابتداء ، والمعتزلة لما لم يروا خروج العصاة من النار ردوا الأحاديث المروية في هذا الباب { وكفى به إثماً مبيناً } [ النساء : 50 ] { عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ } غير مقطوع ولكنه ممتد إلى غير نهاية كقوله : { لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } [ الإنشقاق : 25 ] وهو نصب على المصدر أي أعطوا عطاء . قيل : كفرت الجهمية بأربع آيات { عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ } . { أُكُلُهَا دَائِمٌ } [ الرعد : 35 ] { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ } [ النحل : 96 ] { لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } [ الواقعة : 33 ] لما قص الله قصص عبدة الأوثان وذكر ما أحل بهم من نقمه وما أعد لهم من عذابه قال :