Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 124-126)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اختَلَفُوا فِيهِ } أي فرض عليهم تعظيمه وترك الاصطياد فيه { وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } رُوى أن موسى عليه السلام أمرهم أن يجعلوا في الأسبوع يوماً للعبادة وأن يكون يوم الجمعة فأبوا عليه وقالوا : نريد اليوم الذي فرغ الله فيه من خلق السماوات والأرض وهو السبت ، إلا شرذمة منهم قد رضوا بالجمعة فهذا اختلافهم في السبت لأن بعضهم اختاروه وبعضهم اختاروا عليه الجمعة ، فأذن الله لهم في السبت وابتلاهم بتحريم الصيد ، فأطاع أمر الله الراضون بالجمعة فكانوا لا يصيدون ، وأعقابهم لم يصبروا عن الصيد فمسخهم الله دون أولئك وهو يحكم بينهم يوم القيامة فيجازي كل واحد من الفريقين بما هو أهله { ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ } إلى الإسلام { بِالْحِكْمَةِ } بالمقالة الصحيحة المحكمة وهو الدليل الموضح للحق المزيل للشبهة { وَالمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ } وهي التي لا يخفى عليهم أنك تناصحهم بها وتقصد ما ينفعهم فيها ، أو بالقرآن أي ادعهم بالكتاب الذي هو حكمة وموعظة حسنة ، أو الحكمة المعرفة بمراتب الأفعال والموعظة الحسنة أن يخلط الرغبة بالرهبة والإنذار بالبشارة { وَجَادِلُهُم بِالِّتِي هِيَ أَحْسَنُ } بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين من غير فظاظة ، أو بما يوقظ القلوب ويعظ النفوس ويجلو العقول وهو رد على من يأبى المناظرة في الدين { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } أي هو أعلم بهم فمن كان فيه خير كفاه الوعظ القليل ومن لا خير فيه عجزت عنه الحيل . { وَإنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ } سمى الفعل الأول عقوبة والعقوبة هي الثانية لازدواج الكلام كقوله { وجزاء سيئة سيئة مثلها } [ الشورى : 40 ] فالثانية ليست بسيئة ، والمعنى إن صنع بكم صنيع سوء من قتل أونحوه فقابلوه بمثله ولا تزيدوا عليه . رُوى أن المشركين مثلوا بالمسلمين يوم أحد ، وبقروا بطونهم وقطعوا مذاكيرهم ، فرأى النبي عليه السلام حمزة مبقور البطن فقال : " أما والذي أحلف به لأمثلن بسبعين مكانك " فنزلت فكفر عن يمينه وكف عما أراده . ولا خلاف في تحريم المثلة لورود الأخبار بالنهي عنها حتى بالكلب العقور { وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ } الضمير في { لهو } يرجع إلى مصدر { صبرتم } والمراد بالصابرين المخاطبون أي ولئن صبرتم لصبركم خير لكم ، فوضع { الصابرين } موضع الضمير ثناء من الله عليهم لأنهم صابرون على الشدائد ، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم