Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 75-81)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِذَا } لو قاربت تركن إليهم أدنى ركنة { إِذًا لأَذَقْنَـٰكَ ضِعْفَ ٱلْحَيَوٰةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ } لأذقناك عذاب الآخرة وعذاب القبر مضاعفين لعظيم ذنبك بشرف منزلتك ونبوتك كما قال : { يٰنِسَاء ٱلنَّبِىّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَـٰحِشَةٍ } [ الأحزاب : 30 ] الآية . وأصل الكلام لأذقناك عذاب الحياة وعذاب الممات لأن العذاب عذابان : عذاب في الممات وهو عذاب القبر ، وعذاب في حياة الآخرة وهو عذاب النار . والعذاب يوصف بالضعف كقوله : { فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ ٱلنَّارِ } [ الأعراف : 38 ] أي مضاعفاً فكأن أصل الكلام لأذقناك عذاباً ضعفاً في الحياة وعذاباً ضعفاً في الممات ، ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه وهو الضعف ، ثم أضيفت الصفة إضافة الموصوف فقيل ضعف الحياة وضعف الممات . ويجوز أن يراد بضعف الحياة عذاب الحياة الدنيا ، وبضعف الممات ما يعقب الموت من عذاب القبر وعذاب النار . وفي ذكر الكيدودة وتقليلها مع إتباعها الوعيد الشديد بالعذاب المضاعف في الدارين دليل على أن القبيح يعظم قبحه بمقدار عظم شأن فاعله ، ولما نزلت كان عليه السلام يقول : " اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين " { ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا } معيناً لك يمنع عذابنا عنك . { وَإِن كَادُواْ } أي أهل مكة { لَيَسْتَفِزُّونَكَ } ليزعجونك بعداوتهم ومكرهم { مّنَ ٱلأَرْضِ } من أرض مكة { لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُونَ } لا يبقون { خِلَـٰفَكَ } بعدك أي بعد إخراجك { خلافك } كوفي غير أبي بكر وشامي بمعناه { إِلاَّ قَلِيلاً } زماناً قليلاً فإن الله مهلكهم وكان كما قال : فقد أهلكوا ببدر بعد إخراجه بقليل ، أو معناه ولو أخرجوك لاستؤصلوا عن بكرة أبيهم ولم يخرجوه بل هاجر بأمر ربه . وقيل : من أرض العرب أو من أرض المدينة { سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا } يعني أن كل قوم أخرجوا رسولهم من بين ظهرانيهم فسنة الله أن يهلكهم ، ونصبت نصب المصدر المؤكد أي سن الله ذلك سنة { وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً } تبديلاً . { أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ } لزوالها . على هذه الآية جامعة للصلوات الخمس ، أو لغروبها وعلى هذا يخرج الظهر والعصر { إلى غَسقِ الليل } هو الظلمة وهو وقت صلاة العشاء { وقرءان الفجر } صلاة الفجر سميت قرآناً وهو القراءة لكونها ركناً كما سميت ركوعاً وسجوداً ، وهو حجة على الأَصم حيث زعم أن القراءة ليست بركن ، أو سميت قرآناً لطول قراءتها وهو عطف على { الصلاة } { إن قرءان الفجر كان مشهوداً } يشهده ملائكة الليل والنهار ينزل هؤلاء ويصعد هؤلاء فهو في آخر ديوان الليل وأول ديوان النهار ، أو يشهده الكثير من المصلين في العادة { وَمِنَ ٱلَّيْلِ } وعليك بعض الليل { فَتَهَجَّدْ } والتهجد ترك الهجود للصلاة ويقال في النوم أيضاً تهجد { بِهِ } بالقرآن { نَافِلَةً لَّكَ } عبادة زائدة لك على الصلوات الخمس ، وضع { نافلة } موضع « تهجداً » لأن التهجد عبادة زائدة فكان التهجد والنافلة يجمعهما معنى واحد ، والمعنى أن التهجد زيد لك على الصلوات المفروضة غنيمة لك أو فريضة عليك خاصة دون غيرك لأنه تطوع لهم { عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُودًا } نصب على الظرف أي عسى أن يبعثك يوم القيامة فيقيمك مقاماً محموداً ، أو ضمن يبعثك معنى يقيمك وهو مقام الشفاعة عند الجمهور ، ويدل عليه الأخبار أو هو مقام يعطى فيه لواء الحمد . { وَقُل رَّبّ أَدْخِلْنِى مُدْخَلَ صِدْقٍ } هو مصدر أي أدخلني القبر إدخالاً مرضياً على طهارة من الزلات { وَأَخْرِجْنِى مُخْرَجَ صِدْقٍ } أي أخرجني منه عند البعث إخراجاً مرضياً ملقى بالكرامة آمناً من الملامة ، دليله ذكره على أثر ذكر البعث . وقيل : نزلت حين أمر بالهجرة يريد إدخال المدينة والإخراج من مكة ، أو هو عام في كل ما يدخل فيه ويلابسه من أمر ومكان { وَٱجْعَل لّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَـٰناً نَّصِيرًا } حجة تنصرني على من خالفني أو ملكاً وعزاً قوياً ناصراً للإسلام على الكفر مظهراً له عليه { وَقُلْ جَاء ٱلْحَقُّ } الإسلام { وَزَهَقَ } وذهب وهلك { ٱلْبَـٰطِلُ } الشرك أو جاء القرآن وهلك الشيطان { إِنَّ ٱلْبَـٰطِلَ كَانَ زَهُوقًا } كان مضمحلاً في كل أوان .