Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 78-83)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ } هذا إشارة إلى السؤال الثالث أي هذا الاعتراض سبب الفراق ، والأصل هذا فراق بيني وبينك ، وقد قرىء به فأضيف المصدر إلى الظرف كما يضاف إلى المفعول به { سَأُنَبّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً } { أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَـٰكِينَ يَعْمَلُونَ فِى ٱلْبَحْرِ } قيل : كانت لعشرة أخوة خمسة منهم زمنى وخمسة يعلمون في البحر { فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا } أجعلها ذات عيب { وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ } أمامهم أو خلفهم وكان طريقهم في رجوعهم عليه وما كان عندهم خبره فأعلم الله به الخضر وهو جلندي { يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } أي يأخذ كل سفينة صالحة لا عيب فيها غصباً وإن كانت معيبة تركها ، وهو مصدر أو مفعول له . فإن قلت : قوله : { فأردت أن أعيبها } مسبب عن خوف الغصب عليها فكان حقه أن يتأخر عن السبب . قلت : المراد به التأخير وإنما قدم للعناية . { وَأَمَّا ٱلْغُلَـٰمُ } وكان اسمه الحسين { فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَـٰناً وَكُفْراً } فخفنا أن يغشى الوالدين المؤمنين طغياناً عليهما وكفرا لنعمتهما بعقوقه وسوء صنيعه ويلحق بهما شراً وبلاء ، أو يعديهما بدائه ويضلهما بضلاله فيرتدا بسببه وهو من كلام الخضر . وإنما خشي الخضر منه ذلك لأنه تعالى أعلمه بحاله وأطلعه على سر أمره وإن كان من قول الله تعالى ، فمعنى { فخشينا } فعلمنا إن عاش أن يصير سبباً لكفر والديه { فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا } { يبَدِّلهما ربهما } مدني وأبو عمرو { خَيْراً مّنْهُ زَكَـوٰةً } طهارة ونقاء من الذنوب { وَأَقْرَبَ رُحْماً } رحمة وعطفا ، و { زكاة } و { رحما } تمييز . روي أنه ولدت لهما جارية تزوجها نبي فولدت نبياً أو سبعين نبياً أو أبدلهما ابناً مؤمناً مثلهما شامي وهما لغتان { وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَـٰمَيْنِ } أصرم وصريم { يَتِيمَيْنِ فِى ٱلْمَدِينَةِ } هي القرية المذكورة { وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا } أي لوح من ذهب مكتوب فيه : عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن ، وعجبت لمن يؤمن بالرزق كيف يتعب ، وعجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح ، وعجبت لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل ، وعجبت لمن يعرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها ، لا إلٰه إلا الله محمد رسول الله . أو مال مدفون من ذهب وفضة أو صحف فيها علم والأول أظهر . وعن قتادة : أحل الكنز لمن قبلنا وحرم علينا ، وحرمت الغنيمة عليها وأحلت لنا . { وَكَانَ أَبُوهُمَا } قيل : جدهما السابع { صَـٰلِحاً } ممن يصحبني . وعن الحسين بن علي رضي الله عنهما أنه قال لبعض الخوارج في كلام جرى بينهما : بم حفظ الله الغلامين ؟ قال : بصلاح أبيهما . قال : فأبي وجدي خير منه { فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا } أي الحلم { وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً } مفعول له أو مصدر منصوب بـ { أراد ربك } لأنه في معنى رحمهما { مّن رَّبّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ } وما فعلت ما رأيت { عَنْ أَمْرِى } عن اجتهادي وإنما فعلته بأمر الله والهاء تعود إلى الكل أو إلى الجدار { ذٰلِكَ } أي الأجوبة الثلاثة { تَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً } حذف التاء تخفيفاً . وقد زل أقدام أقوام من الضلال في تفضيل الولي على النبي وهو كفر جلي حيث قالوا : أمر موسى بالتعلم من الخضر وهو وليّ . والجواب أن الخضر نبي وإن لم يكن كما زعم البعض ، فهذا ابتلاء في حق موسى عليه السلام على أن أهل الكتاب يقولون : إن موسى هذا ليس موسى بن عمران إنما هو موسى بن مانان ، ومن المحال أن يكون الوليّ وليًّا إلا بإيمانه بالنبي ثم يكون النبي دون الوليّ ، ولا غضاضة في طلب موسى العلم لأن الزيادة في العلم مطلوبة . وإنما ذكر أولاً { فأردت } لأنه إفساد في الظاهر وهو فعله ، وثالثاً { فأراد ربك } لأنه إنعام محض وغير مقدور البشر ، وثانياً { فأردنا } لأنه إفساد من حيث الفعل إنعام من حيث التبديل . وقال الزجاج : معنى فأردنا فأراد الله عز وجل ومثله في القرآن كثير . { وَيَسْـئَلُونَكَ } أي اليهود على جهة الإمتحان ، أو أبو جهل وأشياعه { عَن ذِى ٱلْقَرْنَيْنِ } هو الإسكندر الذي ملك الدنيا . قيل : ملكها مؤمنان : ذو القرنين وسليمان ، وكافران : نمرود وبختنصر وكان بعد نمرود . وقيل : كان عبداً صالحاً ملّكه الله الأرض وأعطاه العلم والحكمة وسخر له النور والظلمة ، فإذا سرى يهديه النور من أمامه وتحوطه الظلمة من ورائه . وقيل : نبياً . وقيل : ملكاً من الملائكة . وعن عليّ رضي الله عنه أنه قال : ليس بملك ولا نبي ولكن كان عبداً صالحاً ضرب على قرنه الأيمن في طاعة الله فمات ثم بعثه الله ، فضرب على قرنه الأيسر فمات فبعثه الله فسمي ذا القرنين وفيكم مثله أراد نفسه . قيل : كان يدعوهم إلى التوحيد فيقتلونه فيحييه الله تعالى . وقال عليه السلام : " سمي ذا القرنين لأنه طاف قرني الدنيا " يعني جانبيها شرقها وغربها . وقيل : كان له قرنان أي ضفيرتان ، أو انقرض في وقته قرنان من الناس ، أو لأنه ملك الروم وفارس أو الترك والروم ، أو كان لتاجه قرنان أو على رأسه ما يشبه القرنين ، أو كان كريم الطرفين أبا وأما وكان من الروم { قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مّنْهُ } من ذي القرنين { ذِكْراً } .