Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 8-12)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا } من هذه الزينة { صَعِيداً } أرضاً ملساء { جُرُزاً } يابساً لا نبات فيها بعد أن كانت خضراء معشبة ، والمعنى نعيدها بعد عمارتها خراباً بإماتة الحيوان وتجفيف النبات والأشجار وغير ذلك . ولما ذكر من الآيات الكلية تزيين الأرض بما خلق فوقها من الأجناس التي لا حصر لها وإزالة ذلك كله كأن لم يكن قال : { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَـٰبَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ } يعني أن ذلك أعظم من قصة أصحاب الكهف وإبقاء حياتهم مدة طويلة ، والكهف : الغار الواسع في الجبل والرقيم اسم كلبهم أو قريتهم أو اسم كتاب كتب في شأنهم أو اسم الجبل الذي فيه الكهف { كَانُواْ مِنْ ءايَـٰتِنَا عَجَبًا } أي كانوا آية عجباً من آياتنا وصفاً بالمصدر أو على ذات عجب { إِذْ } أي اذكر إذ { أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ فَقَالُواْ رَبَّنَا ءاتِنَا مِن لَّدُنكَ رحمةً } أي رحمة من خزائن رحمتك وهي المغفرة والرزق والأمن من الأعداء { وَهَيّىء لَنَا مِنْ أَمْرِنَا } أي الذي نحن عليه من مفارقة الكفار { رَشَدًا } حتى نكون بسببه راشدين مهتدين ، أو اجعل أمرنا رشداً كله كقولك « رأيت منك أسداً » أو يسر لنا طريق رضاك { فَضَرَبْنَا عَلَىٰ ءاذَانِهِمْ فِى ٱلْكَهْفِ } أي ضربنا عليها حجاباً من النوم يعني أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأَصوات فحذف المفعول الذي هو الحجاب { سِنِينَ عَدَدًا } ذوات عدد فهو صفة لسنين . قال الزجاج : أي تعد عدداً لكثرتها لأن القليل يعلم مقداره من غير عدد فإذا كثر عُدَّ فأما { دراهم معدودة } [ يوسف : 20 ] فهي على القلة لأنهم كانوا يعدون القليل ويزنون الكثير { ثُمَّ بَعَثْنَـٰهُمْ } أيقظناهم من النوم { لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ } المختلفين منهم في مدة لبثهم لأنهم لما انتبهوا اختلفوا في ذلك وذلك قوله { قَالَ قَائِلٌ مّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } وكان الذين قالوا { ربكم أعلم بما لبثتم } هم الذين علموا أن لبثهم قد تطاول ، أو أي الحزبين المختلفين من غيرهم { أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَدًا } غاية . و { أحصى } فعل ماض و { أمدا } ظرف لـ { أحصى } أو مفعول له ، والفعل الماضي خبر المبتدأ وهو أي والمتبدأ مع خبره سد مسد مفعولي « نعلم » . والمعنى أيهم ضبط أمداً لأوقات لبثهم وأحاط علماً بأمد لبثهم ؟ ومن قال : « أحصى » أفعل من الإحصاء وهو العد فقد زل لأن بناءه من غير الثلاثي المجرد ليس بقياس . وإنما قال : { لنعلم } مع أنه تعالى لم يزل عالماً بذلك ، لأن المراد ما تعلق به العلم من ظهور الأمر لهم ليزدادوا إيماناً واعتباراً ، وليكون لطفاً لمؤمني زمانهم ، وآية بينة لكفاره . أو المراد لنعلم اختلافهما موجوداً كما علمناه قبل وجوده .