Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 1-4)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كهيعص } قال السدي : هو اسم الله الأعظم ، وقيل : هو اسم للسورة . قرأ علي ويحيى بكسر الهاء والياء ، ونافع بين الفتح والكسر وإلى الفتح أقرب ، وأبو عمرو بكسر الهاء وفتح الياء ، وحمزة بعكسه ، وغيرهم بفتحهما { ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبّكَ } خبر مبتدأ أي هذا ذكر { عَبْدَهِ } مفعول الرحمة { زَكَرِيَّا } بالقصر : حمزة وعلي وحفص وهو بدل من { عبده } { إِذْ } ظرف للرحمة { نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً } دعاه دعاء سرا كما هو المأمور به وهو أبعد عن الرياء وأقرب إلى الصفاء ، أو أخفاه لئلا يلام على طلب الولد في أوان الكبر لأنه كان ابن خمس وسبعين أو ثمانين سنة { قَالَ رَبّ } هذا تفسير الدعاء وأصله « يا ربي » فحذف حرف النداء والمضاف إليه اختصاراً { إِنّى وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنّى } ضعف . وخص العظم لأنه عمود البدن وبه قوامه فإذا وهن تداعى وتساقطت قوته ولأنه أشد ما فيه وأصلبه فإذا وهن كان ما وراءه أوهن ، ووحده لأن الواحد هو الدال على معنى الجنسية والمراد أن هذا الجنس الذي هو العمود والقوام وأشد ما تركب منه الجسد قد أصابه الوهن ، { وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً } تمييز أي فشا في رأسي الشيب واشتعلت النار إذا تفرقت في التهابها وصارت شعلاً ، فشبه الشيب بشواظ النار في بياضه وانتشاره في الشعر وأخذه منه كل مأخذ باشتعال النار . ولا ترى كلاماً أفصح من هذا ، ألا ترى أن أصل الكلام يا رب قد شخت إذ الشيخوخة تشتمل على ضعف البدن وشيب الرأس المتعرض لهما ، وأقوى منه ضعف بدني وشاب رأسي ففيه مزيد التقرير للتفصيل ، وأقوى منه وهنت عظام بدني ، ففيه عدول عن التصريح إلى الكناية فهي أبلغ منه ، وأقوى منه أنا وهنت عظام بدني ، وأقوى منه إني وهنت عظام بدني ، وأقوى منه إني وهنت العظام من بدني ففيه سلوك طريقي الإجمال والتفصيل ، وأقوى منه إني وهنت العظام مني ففيه ترك توسيط البدن ، وأقوى منه { إني وهن العظم مني } لشمول الوهن العظام فرداً فرداً باعتبار ترك جمع العظم إلى الإفراد لصحه حصول وهن المجموع بالبعض دون كل فرد فرد ، ولهذا تركت الحقيقة في شاب رأسي إلى أبلغ وهي الاستعارة فحصل اشتعل شيب رأسي ، وأبلغ منه اشتعل رأسي شيباً لإسناد الاشتعال إلى مكان الشعر ومنبته وهو الرأس لإفادة شمول الاشتعال الرأس إذ وزان اشتعل شيب رأسي واشتعل رأسي شيباً ، وزان اشتعل النار في بيتي واشتعل بيتي ناراً والفرق نير ، ولأن فيه الإجمال والتفصيل كما عرف في طريق التمييز ، وأبلغ منه واشتعل الرأس مني شيباً لما مر ، وأبلغ منه { واشتعل الرأس شيباً } ففيه اكتفاء بعلم المخاطب إنه رأس زكريا بقرينة العطف على { وهن العظم } { وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ } مصدر مضاف إلى المفعول أي بدعائي إياك { رَبّ شَقِيّاً } أي كنت مستجاب الدعوة قبل اليوم سعيداً به غير شقي فيه . يقال : سعد فلان بحاجته إذا ظفر بها وشقي إذا خاب ولم ينلها . وعن بعضهم أن محتاجاً سأله وقال : أنا الذي أحسنت إلي وقت كذا فقال : مرحباً بمن توسل بنا إلينا وقت حاجته وقضى حاجته .