Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 69-71)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلّ شِيعَةٍ } طائفة شاعت أي تبعت غاوياً من الغواة { أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً } جرأة أو فجوراً أي لنخرجن من كل طائفة من طوائف الغي أعتاهم فأعتاهم ، فإذا اجتمعوا طرحناهم في النار على الترتيب ، نقدم أولاهم بالعذاب فأولاهم . وقيل : المراد بأشدهم عتياً الرؤساء لتضاعف جرمهم لكونهم ضلالاً ومضلين . قال سيبويه : { أيهم } مبني على الضم لسقوط صدر الجملة التي هي صلته وهو « هو » من « هو أشد » حتى لو جيء به لأعرب بالنصب ، وقيل : أيهم هو أشد وهذا لأن الصلة توضح الموصول وتبينه كما أن المضاف إليه يوضح المضاف ويخصصه ، فكما أن خذف المضاف إليه في « من قبلُ » يوجب بناء المضاف وجب أن يكون حذف الصلة أو شيء منها موجباً للبناء وموضعها نصب بـ « نزع » ، وقال الخليل : هي معربة وهو مبتدأ وأشد خبره وهو رفع على الحكاية تقديره : لننزعن الذين يقال فيهم أيهم أشد على الرحمن عتياً . ويجوز أن يكون النزع واقعاً على { من كل شيعة } كقوله { ووهبنا لهم من رحمتنا } أي لننزعن بعض كل شيعة فكأن قائلاً قال : من هم ؟ فقيل : أيهم أشد عتياً ، و « على » يتعلق بأفعل أي عتوهم أشد على الرحمن { ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا } أحق بالنار { صِلِيّاً } تمييز أو دخولاً والباء تتعلق بـ { أولى } { وَإِن مّنكُمْ } أحد { إِلاَّ وَارِدُهَا } داخلها والمراد النار والورود : الدخول عند علي وابن عباس رضي الله عنهم وعليه جمهور أهل السنة لقوله تعالى : { فأوردهم النار } [ هود : 98 ] ولقوله تعالى { لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها } [ الأنبياء : 99 ] ولقوله { ثم تنجى الذين اتقوا } إذ النجاة إنما تكون بعد الدخول لقوله عليه السلام : " الورود الدخول لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم وتقول النار للمؤمن : جز يا مؤمن فإن نورك أطفأ لهبي " وقيل : الورود بمعنى الدخول لكنه يختص بالكفار لقراءة ابن عباس { وإن منهم } وتحمل القراءة المشهورة على الإلتفات . وعن عبد الله : الورود الحضور لقوله تعالى : { ولما ورد ماء مدين } [ القصص : 23 ] وقوله { أولئك عنها مبعدون } [ الأنبياء : 101 ] وأجيب عنه بأن المراد عن عذابها . وعن الحسن وقتادة : الورود المرور على الصراط لأن الصراط ممدود عليها فيسلم أهل الجنة ويتقاذف أهل النار . وعن مجاهد : ورود المؤمن النار هو مس الحمى جسده في الدنيا لقوله عليه السلام : " الحمى حظ كل مؤمن من النار " وقال رجل من الصحابة لآخر : أيقنت بالورود ؟ قال : نعم . قال : وأيقنت بالصدر ؟ قال : لا . قال : ففيم الضحك وفيم التثاقل ؟ { كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } أي كان ورودهم واجباً كائناً محتوماً والحتم مصدر حتم الأمر إذا أوجبه فسمى به الموجب كقولهم « ضرب الأمير » .