Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 144-147)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي ٱلسَّمَاءِ } تردد وجهك وتصرف نظرك في جهة السماء . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوقع من ربه أن يحوله إلى الكعبة موافقة لإبراهيم ومخالفة لليهود ، ولأنها ادعى للعرب إلى الإيمان لأنها مفخرتهم ومزارهم ومطافهم . { فَلَنُوَلِّيَنَّكَ } فلنعطينك ولنمكننك من استقبالها من قولك وليته كذا إذا جعلته والياً له ، أو فلنجعلك تلي سمتها دون سمت بيت المقدس . { قِبْلَةً تَرْضَاهَا } تحبها وتميل إليها لأغراضك الصحيحة التي أضمرتها وواقفت مشيئة الله وحكمته . { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } أي نحوه . و « شطر » نصب على الظرف أي اجعل تولية الوجه تلقاء المسجد أي في جهته وسمته لأن استقبال عين القبلة متعسر على النائي . وذكر المسجد الحرام دون الكعبة دليل على أن الواجب مراعاة الجهة دون العين . روي أنه عليه السلام قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً ثم وجه إلى الكعبة . { وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ } من الأرض وأردتم الصلاة { فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } أي التحويل إلى الكعبة هو الحق لأنه كان في بشارة أنبيائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يصلي إلى القبلتين . { مِن رَّبّهِمْ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ } بالياء مكي وأبو عمرو ونافع وعاصم ، وبالتاء غيرهم . فالأول وعيد للكافرين بالعقاب على الجحود والإباء ، والثاني وعد للمؤمنين بالثواب على القبول . والأداء . { وَلَئِنْ أَتَيْتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ } أراد ذوي العناد منهم { بِكُلِّ ءَايَةٍ } برهان قاطع أن التوجه إلى الكعبة هو الحق { مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ } لأن تركهم اتباعك ليس عن شبهة تزيلها بإيراد الحجة إنما هو عن مكابرة وعناد مع علمهم بما في كتبهم من نعتك أنك على الحق . وجواب القسم المحذوف سد مسد جواب الشرط . { وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ } حسم لأطماعهم إذ كانوا اضطربوا في ذلك قولوا : لو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن يكون صاحبنا الذي ننتظره وطمعوا في رجوعه إلى قبلتهم ووحدت القبلة ، وإن كان لهم قبلتان فلليهود قبلة وللنصارى قبلة لاتحادهم في البطلان . { وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ } يعني أنهم مع اتفاقهم على مخالفتك مختلفون في شأن القبلة لا يرجى اتفاقهم كما لا ترجى موافقتهم لك ، فاليهود تستقبل بيت المقدس ، والنصارى مطلع الشمس . { وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } أي من بعد وضوح البرهان والإحاطة بأن القبلة هي الكعبة وأن دين الله هو الإسلام { إِنَّكَ إِذَا لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } لمن المرتكبين الظلم الفاحش . وفي ذلك لطف للسامعين وتهييج للثبات على الحق وتحذير لمن يترك الدليل بعد إنارته ويتبع الهوى . وقيل : الخطاب في الظاهر للنبي عليه السلام والمراد أمته ، ولزم الوقف على « الظالمين » إذ لو وصل لصار { ٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ } صفة للظالمين . وهو مبتدأ والخبر { يَعْرِفُونَهُ } أي محمداً عليه السلام أو القرآن أو تحويل القبلة . والأول أظهر لقوله { كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ } قال عبد الله بن سلام : أنا أعلم به مني بابني فقال له عمر : ولم ؟ قال : لأني لست أشك في محمد أنه نبي فأما ولدي فلعل والدته خانت فقبل عمر رأسه . { وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ } أي الذين لم يسلموا { لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ } حسداً وعناداً { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } لأن الله تعالى بينه في كتابهم . { ٱلْحَقُ } مبتدأ خبره { مِن رَبَِكَ } واللام للجنس أي الحق من الله لا من غيره . يعني أن الحق ما ثبت أنه من الله كالذي أنت عليه ، وما لم يثبت أنه من الله كالذي عليه أهل الكتاب فهو الباطل ، أو للعهد والإشارة إلى الحق الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو خبر مبتدأ محذوف أي هو الحق ومن ربك خبر بعد خبر أو حال . { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } الشاكين في أنه من ربك .