Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 215-218)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَسْـئَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مّنْ خَيْرٍ فَلِلْوٰلِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ وَٱلْيَتَـٰمَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينَ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } فقد تضمن قوله ما أنفقتم من خير بيان ما ينفقونه وهو كل خير ، وبنى الكلام على ما هو أهم وهو بيان المصرف لأن النفقة لا يعتد بها إلا أن تقع موقعها عن الحسن هي في التطوع { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } فيجزى عليه { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ } فرض عليكم جهاد الكفار { وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ } من الكراهة فوضع المصدر موضع الوصف مبالغة كقولها : @ فإنما هي إقبال وإدبار @@ كأنه في نفسه كراهة لفرط كراهتهم له أوهو فعل بمعنى مفعول كالخبز بمعنى المخبوز أي وهو مكروه لكم { وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } فأنتم تكرهون الغزو وفيه إحدى الحسنيين إما الظفر والغنيمة وإما الشهادة والجنة { وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا } وهو القعود عن الغزو { وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ } لما فيه من الذل والفقر وحرمان الغنيمة والأجر { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ } ما هو خير لكم { وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ذلك فبادروا إلى ما يأمركم به وإن شق عليكم ، ونزل في سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتلوا المشركين وقد أهل هلال رجب وهم لا يعلمون ذلك فقالت قريش : قد استحل محمد عليه السلام الشهر الحرام شهراً يأمن فيه الخائف . { يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ } أي يسألك الكفار أو المسلمون عن القتال في الشهر الحرام . { قِتَالٍ فِيهِ } بدل الاشتمال من « الشهر » . وقرىء « عن قتال فيه » على تكرير العامل كقوله : { للذين استضعفوا لمن آمن منهم } [ الأعراف : 75 ] . { قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ } أي إثم كبير . « قتال » مبتدأ و « كبير » خبره وجاز الابتداء بالنكرة لأنها قد وصفت بـ « فيه » وأكثر الأقاويل على أنها منسوخة بقوله تعالى : { فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } [ التوبة : 5 ] . { وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي منع المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن البيت عام الحديبية وهو مبتدأ { وَكُفْرٌ بِهِ } أي بالله عطف على صد { وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } « عطف على سبيل الله » أي وصد عن سبيل الله وعن المسجد الحرام . وزعم الفراء أنه معطوف على الهاء في به أي كفر به وبالمسجد الحرام ، ولا يجوز عند البصريين العطف على الضمير المجرور إلا بإعادة الجار فلا تقول : مررت به وزيد ولكن تقول وبزيد ، ولو كان معطوفاً على الهاء هنا لقيل وكفر به وبالمسجد الحرام . { وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ } أي أهل المسجد الحرام وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون وهو عطف على « صد » أيضاً { مِنْهُ } من المسجد الحرام وخبر الأسماء الثلاثة { أَكْبَرُ عِندَ ٱللَّهِ } أي مما فعلته السرية من القتال في الشهر الحرام على سبيل الخطأ والبناء على الظن { وَٱلْفِتْنَةُ } الإخراج أو الشرك { أَكْبَرُ مِنَ ٱلْقَتْلِ } في الشهر الحرام ، أو تعذيب الكفار المسلمين أشد قبحاً من قتل هؤلاء المسلمين في الشهر الحرام { وَلاَ يَزَالُونَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ } أي إلى الكفر وهو إخبار عن دوام عداوة الكفار للمسلمين وأنهم لا ينفكون عنها حتى يردوهم عن دينهم . « حتى » معناها التعليل نحو « فلان يعبد الله حتى يدخل الجنة » أي يقاتلونكم كي يردوكم . وقوله تعالى : { إِنِ اسْتَطَاعُواْ } استبعاد لاستطاعتهم كقولك لعدوك « إن ظفرت بي فلا تبق علي » وأنت واثق بأنه لا يظفر بك { وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ } ومن يرجع عن دينه إلى دينهم { فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ } أي يمت على الردة { فَأُوْلـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } لما يفوتهم بالردة مما للمسلمين في الدنيا من ثمرات الإسلام وفي الآخرة من الثواب وحسن المآب { وَأُوْلـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } وبها احتج الشافعي رحمه الله على أن الردة لا تحبط العمل حتى يموت عليها . وقلنا : قد علق الحبط بنفس الردة بقوله تعالى : { وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإيمَـٰنِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ } [ المائدة : 5 ] والأصل عندنا أن المطلق لا يحمل على المقيد ، وعنده يحمل عليه فهو بناء على هذا . ولما قالت السرية أيكون لنا أجر المجاهدين في سبيل الله نزل { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ } تركوا مكة وعشائرهم { وَجَـٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } المشركين ولا وقف عليه لأن { أُوْلـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ ٱللَّهِ } خبر « إن » . قيل : من رجا طلب ومن خاف هرب { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } نزل في الخمر أربع آيات نزل بمكة : { وَمِن ثَمَرٰتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَـٰبِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا } [ النحل : 67 ] . فكان المسلمون يشربونها وهي لهم حلال ، ثم إن عمر ونفراً من الصحابة قالوا : يا رسول الله أفتنا في الخمر فإنها مذهبة للعقل مسلبة للمال فنزل :