Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 35-35)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

نظير قوله { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ } مع قوله { مَثَلُ نُورِهِ } و { يَهْدِى ٱللَّهُ لِنُورِهِ } قولك زيد كرم وجود ثم تقول : ينعش الناس بكرمه وجوده ، والمعنى ذو نور السماوات و { نُورُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ } الحق شبهه بالنور في ظهوره وبيانه كقوله : { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ يُخْرِجُهُم مّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ } [ البقرة : 257 ] أي من الباطل إلى الحق . وأضاف النور إليهما للدلالة على سعة إشراقه وفشو إضاءته حتى تضيء له السماوات والأرض ، وجاز أن المراد أهل السماوات والأرض وأنهم يستضيئون به { مَثَلُ نُورِهِ } أي صفة نوره العجيبة الشأن في الإضاءة { كَمِشْكَاةٍ } كصفة مشكاة وهي الكوّة في الجدار غير النافذة { فِيهَا مِصْبَاحٌ } أي سراج ضخم ثاقب { ٱلْمِصْبَاحُ فِى زُجَاجَةٍ } في قنديل من زجاج شامي بكسر الزاي { ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرّىٌّ } مضيء بضم الدال وتشديد الياء منسوب إلى الدر لفرط ضيائه وصفائه ، وبالكسر والهمزة عمرو وعلي كأنه يدرأ الظلام بضوئه ، وبالضم والهمزة أبو بكر وحمزة شبه في زهوته بأحد الكواكب الدراري كالمشتري والزهرة ونحوهما { يُوقَدُ } { توقد } بالتخفيف : حمزة وعلي وأبو بكر الزجاجة و { يُوقَدُ } بالتخفيف : شامي ونافع وحفص { وتوقد } بالتشديد : مكي وبصري أي هذا المصباح { مِن شَجَرَةٍ } أي ابتدأ ثقوبه من زيت شجرة الزيتون يعني رويت ذبالته بزيتها { مُّبَـٰرَكَةٍ } كثيرة المنافع أو لأنها نبتت في الأرض التي بورك فيها للعالمين . وقيل : بارك فيها سبعون نبياً منهم إبراهيم عليه السلام { زَيْتُونَةٍ } بدل من { شجرة } نعتها { لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ } أي منبتها الشام يعني ليست من المشرق ولا من المغرب بل في الوسط منهما وهو الشام وأجود الزيتون زيتون الشام . وقيل : ليست مما تطلع عليه الشمس في وقت شروقها أو غروبها فقط بل يصيبها بالغداة والعشي جميعها فهي شرقية وغربية . { يَكَادُ زَيْتُهَا } دهنها { يُضِىء وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ } وصف الزيت بالصفاء والوميض وأنه لتلألئه يكاد يضيء من غير نار { نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ } أي هذا النور الذي شبه به الحق نور متضاعف قد تناصر فيه المشكاة والزجاجة والمصباح والزيت حتى لم تبق بقية مما يقوي النور ، وهذا لأن المصباح إذا كان في مكان متضايق كالمشكاة كان أجمع لنوره بخلاف المكان الواسع فإن الضوء ينتشر فيه . والقنديل أعون شيء على زيادة الإنارة وكذلك الزيت وصفاؤه ، وضرب المثل يكون بدنيء محسوس معهود لا بعلي غير معاين ولا مشهود فأبو تمام لما قال في المأمون : @ إقدام عمرو في سماحة حاتم في حلم أحنف في ذكاء إياس @@ قيل له : إن الخليفة فوق من مثلته بهم فقال مرتجلاً : @ لا تنكروا ضربي له من دونه مثلاً شروداً في الندى والباس فالله قد ضرب الأقل لنوره مثلاً من المشكاة والنبراس @@ { يَهْدِى ٱللَّهُ لِنُورِهِ } أي لهذا النور الثاقب { مَن يَشَآء } من عباده أي يوفق لإصابة الحق من يشاء من عباده بإلهام من الله أو بنظره في الدليل { وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ } تقريباً إلى أفهامهم ليعتبروا فيؤمنوا { وَٱللَّهُ بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ } فيبين كل شيء بما يمكن أن يعلم به . وقال ابن عباس رضي الله عنه : مثل نوره أي نور الله الذي هدى به المؤمن . وقرأ ابن مسعود رحمه الله { مثل نوره في قلب المؤمن كمشكاة } وقرأ أبيّ { مثل نور المؤمن } .