Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 44-45)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يُقَلّبُ ٱللَّهُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ } يصرفهما في الاختلاف طولاً وقصراً والتعاقب { إِنَّ فِى ذَلِكَ } في إزجاء السحاب وإنزال الودق والبرد وتقليب الليل والنهار { لَعِبْرَةً لأَِوْلِى ٱلأَبْصَـٰرِ } لذوي العقول . وهذا من تعديد الدلائل على ربوبيته حيث ذكر تسبيح من في السماوات والأرض وما يطير بينهما ودعاءهم له وتسخير السحاب إلى آخر ما ذكر ، فهي براهين لائحة على وجوده ودلائل واضحة على صفاته لمن نظر وتدبر . ثم بين دليلاً آخر فقال تعالى . { وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ } { خالق كل } حمزة وعلي { دَابَّةٍ } كل حيوان يدب على وجه الأرض { مِن مَّاء } أي من نوع من الماء مختص بتلك الدابة أو من ماء مخصوص وهو النطفة ، ثم خالف بين المخلوقات من النطفة فمنها هوام ومنها بهائم ومنها أناسي وهو كقوله { يُسْقَىٰ بِمَاء وٰحِدٍ وَنُفَضّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِى ٱلأكُلِ } [ الرعد : و ] هذا دليل على أن لها خالقاً ومدبراً وإلا لم تختلف لإتفاق الأصل . وإنما عرف الماء في قوله : { وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَاء كُلَّ شَىْء حَىّ } [ الأنبياء : 30 ] لأن المقصود ثم أن أجناس الحيوان مخلوقة من جنس الماء وأنه هو الأصل وإن تخللت بينه وبينها وسائط . قالوا : إن أول ما خلق الله الماء فخلق منه النار والريح والطين ، فخلق من النار الجن ، ومن الريح الملائكة ، ومن الطين آدم ودواب الأرض ، ولما كانت الدابة تشمل المميز وغير المميز غلب المميز فأعطى ما وراءه حكمه كأن الدواب كلهم مميزون فمن ثم قيل { فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِى عَلَىٰ بَطْنِهِ } كالحية والحوت . وسمي الزحف على البطن مشياً استعارة كما يقال في الأمر المستمر قد مشى هذا الأمر ، أو على طرائق المشاكلة لذكر الزاحف مع الماشين { وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِى عَلَىٰ رِجْلَيْنِ } كالإنسان والطير { وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِى عَلَىٰ أَرْبَعٍ } كالبهائم وقدم ما هو أعرق في القدرة وهو الماشي بغير آلة مشي من أرجل أو غيرها ثم الماشي على رجلين ثم الماشي على أربع { يَخْلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَاء } كيف يشاء { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ } لا يتعذر عليه شيء .